تأثير التكنولوجيا على المشهد الموسيقي
في رحلة ملهمة، يعيد أسبوع الرياض الموسيقي 2024 تشكيل ملامح المشهد الفني ويفتح آفاقًا جديدة لتمكين الإبداع، حيث أقيمت خلاله جلسة بعنوان "رؤى عالمية حول النظم البيئية التكنولوجية للموسيقى: التنفيذ المحلي ودعم السياسات". وقد طرحت الجلسة نقاشًا غنيًّا بالأفكار والحلول حول تأثير التكنولوجيا على المشهد الموسيقي وما يمكن أن تقدمه لدعم المجتمعات المحلية والشركات الناشئة، إضافةً إلى دور السياسات الحديثة والابتكارات التكنولوجية في تحفيز النمو الاقتصادي.
جمعت الجلسة كلًا من إيفان بودييه، الشريك المؤسس لـMusic Tech Europe، وعمر شعبان، الرئيس التنفيذي والشريك المحلي لـThe Space، وتاكايوكي سوزوكي، الرئيس التنفيذي لشركة ParadeALL، وفؤاد النزاوي، الشريك الإداري لـLamarka Consulting Services، في نقاش أداره كليف فلويه، الشريك في Lewis Silkin والمدير التنفيذي لشركة Eleven Advisory.
التحديات والفرص أمام الشركات الناشئة في المنطقة
ناقش النزاوي أهمية السياسات واللوائح التنظيمية، موضحًا أن الشركات التي تهدف إلى التوسع العالمي يجب أن تتبنى نموذج أعمال قابل للتطوير، مع البحث عن فرص تتيح لها إقناع الشركاء والمستثمرين. كما أشار إلى ضرورة استهداف الأسواق العالمية وتعلم كيفية التفاعل مع المستثمرين المحليين، إضافةً إلى أهمية التعاون بين الكيانات المختلفة في النظام البيئي، خاصةً في المراحل الأولى من النمو. وقد صرّح بالآتي: "يلزم إجراء مقارنات معيارية خلال وضع السياسات، مع ضرورة تحديد فرص التحسين ونشر الوعي".
بينما استعرض سوزوكي أبرز التحديات والفرص التي ظهرت في مشهد تكنولوجيا الموسيقى في اليابان بعد جائحة كوفيد-19، مؤكّدًا أن الأزمة ساعدت الموسيقيين اليابانيين على التوسع عالميًا ومكّنتهم من الوصول إلى الأسواق الأمريكية والآسيوية، مصرّحًا أن الجيل الجديد يعد عنصرًا محوريًا في استكشاف هذه الأسواق.
وعبّر بودييه عن وجهة نظره قائلًا: "شهد الابتكار التقني الموسيقي الأوروبي ازدهارًا ملحوظًا بفضل الشراكات والتعاون، بدلًا من التركيز على الابتكارات الثورية فحسب"، وأبرز مثال على ذلك هو شركة Deezer، التي انطلقت قبل Spotify بستة أشهر، ونجحت بفضل تعاونها مع شركات الاتصالات.
السياسات المبتكرة لدعم النمو الإبداعي
وبالحديث عن الاستراتيجيات التي نجحت في مواكبة السياسات والابتكار، يرى شعبان أن المملكة شهدت تحولًا ملحوظًا في الاقتصاد الإبداعي، حيث تلاقى النهج الحكومي مع التحولات الشعبية التي أتاحها ازدهار الوسائط الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي. يعكس هذا التحول تأثير السياسات على تعزيز الاستثمارات والشركات الناشئة، وبالتالي تنمية الاقتصاد الإبداعي بشكل عام.
أما بالنسبة للأسواق الناشئة، قال النزاوي: "لدعم الأسواق الناشئة، يجب أن تركز السياسات على حماية حقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي التوليدي، مع ضمان إمكانية تتبع المحتوى، إضافةً إلى تشجيع المبدعين على تنويع مصادر الإيرادات"، مشيرًا إلى ضرورة إمدادهم بتمويل بديل لجعل السوق أكثر جذبًا للاستثمارات.
تأسيس العلامات التجارية في الوسط الموسيقي: بين التقنية والإبداع
أصبح تأسيس العلامات التجارية الموسيقية أكثر سهولة وتنافسية من أي وقت مضى. فاليوم، يمكن للعلامات التجارية التسويق لنفسها عبر عدة منصات بسهولة، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على التميز وسط المنافسين. وقد أكّد شعبان أن: "المنتج النهائي هو المهم"، موضحًا أهمية الدمج بين الجذور المحلية والجاذبية العالمية.
وفيما يتعلق بتعزيز الابتكار، تحدث سوزوكي عن أهمية الاستفادة من التأثير الثقافي الياباني قائلًا: "يمكن للشركات السعودية الناشئة أن تلعب دورًا محوريًا في تقديم الموسيقى اليابانية للجمهور السعودي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتبادل الثقافي".
وقد ناقش المتحدثون في ختام الجلسة أهمية الابتكار والتجريب في مجال تكنولوجيا الموسيقى، حيث أشار النزاوي إلى أهمية المؤتمرات مثل "GAME BEAT" المنعقد في لوس أنجلوس والذي يجمع صنّاع الترفيه بمختلف مجالاتهم. أما سوزوكي، فقد ركز على أهمية الدعم الاستشاري، مشيرًا إلى إمكانية تسهيل التعاون الدولي من خلال تقديم "خدمات استشارية مجانية للشؤون القانونية والضريبية لعقد صفقات موسيقية عالمية".
من جانبه، تحدّث بودييه عن دور الحكومات قائلًا: "يؤدي التجريب والفشل إلى الإبداع والابتكار، وينبغي للحكومات الاستثمار في مبادرات تدعم المبدعين وتوفر لهم الفرص لتجربة تقنيات جديدة وخوض تجارب إبداعية".
وأخيرًا، أكّد شعبان على ضرورة تهيئة الفرص التسويقية الملائمة قائلًا: "التسويق التجاري للأعمال الموسيقية له أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد الإبداعي، حيث يوفر فرصًا للموسيقيين والمبدعين للمساهمة في المشاريع وتحقيق الأرباح، ما يجعل المنظومة أكثر جاذبية للمستثمرين".