بدأت موسيقى الـ إندي روك بالظهور في العالم مع أواخر السبعينيات، وجاءت كردة فعل على تسويق موسيقى الروك السائدة، وسعى الفنانون للخروج من سيطرة شركات التسجيل الكبرى على السوق. ارتبط مشهد الـ إندي روك بمشهد الموسيقى البديلة، وكان مصطلح إندي القادم من كلمة Independent يشير إلى الشركات المستقلة. مع الوقت تطور المصطلح وارتبط بتقنيات الإنتاج الذاتي DYI وتبنت معظم الفرق منهج التجريب.
يعتبر ألبوم "the Spiral Scratch" لفرقة ذَ بازكوكس والصادر سنة 1977، من أولى الألبومات التي أسست صوت هذه الجنرا. تبعها في فترة الثمانينات والتسعينيات فرق أضافت تأثيراتها على المشهد مثل فرقة ذَ سميثز وآر إي إم و بعدهم فرقة نيرفانا، وصارت هذه الفرق مع الوقت صوت الجيل الجديد من الشباب.
أما جذور الـ إندي روك في المنطقة فهي أيضًا ممتدة من حقبة السبعينيات، وهي حقبة التجريب بالموسيقى الغربية وتحديدًا بتأثيرات الروك، حيث انتشرت الفرق المستقلة من المشرق إلى المغرب. عرفت هذه الفترة ظهور عدد كبير من الفرق التي دمجت تأثيرات الروك مع الموسيقى المحلية أبرزها فرقة راينا راي التي مزجت بين الروك والراي.
كما تشكلت الفرق المستقلة في القاهرة خلال فترة السبعينيات والثمانينيات مثل فور إم وفرقة المصريين والتي دمجت التأثيرات المشرقية مع الجيتار إلكتريك. بالإضافة إلى ظهور عشرات الفرق المستقلة في هذه الفترة في بيروت لكنها لم تحصد شهرة كبيرة مثل فرقة ذَ سيدرز، والفرق الخارجة من فلسطين مثل فرقة سيلفر ستونز والبراعم.
بدأت موجة الـ إندي روك بدخول المنطقة مع نهاية العقد الأول من الألفية، وتشكلت الفرق التي جاءت امتدادًا للتجارب السابقة. حازت فرقة مشروع ليلى على شهرة كبيرة بعد أن تشكلت عام 2008 واستمرت مسيرتها حتى سنة 2022، دفعت مشهد الإندي إلى أقصاه مع ألبومات مثل "ابن الليل" و"الحل رومنسي" وقد استلهمت بين تأثيرات البوست روك، لكن ما ميّزها فعليًا هي كلمات الأغاني التي كسرت النمطية إن كان في الحديث عن أمور اجتماعية أو سياسية أو حتى رومنسية.
قد يكون المشهد الأردني من أثرى وأغنى المشاهد، حيث شهدت هذه الفترة خروج عشرات الفرق التي شكلت نسبة كبيرة من صوت الموسيقى المستقلة في المنطقة منها "آخر زفير" و"جدل". قدمت هذه الفرق ألبومات مهمة ومميزة مثل ألبوم فرقة المربع "المربع" سنة 2012، استطاعت الفرقة تطويع صوت الإلكتريك جيتار بأسلوب شرقي مع إضافة آلات موسيقية من بلاد الشام مثل الرق أو الدف إلى جانب الدرامز، كما قدمت كلمات ثقيلة ارتبطت بالتجارب الشخصية بأسلوب كتابي مميّز.
بالعودة إلى مصر، عرفت فترة الثورة وما بعدها أي عام 2011، ظهور عدد من الفرق المستقلة التي رفعت صوتها في المظاهرات والاحتجاجات، مثل وسط البلد ومسار إجباري. لكن تعتبر فرقة كايروكي من أكثر الفرق التي ساهمت بصوت الـ إندي روك خاصة في ألبومها الأول "مطلوب زعيم" سنة 2011، وقد وثق الألبوم فترة الثورة مع أغاني مثل "صوت الحرية". كما خرجت فرق لم تستمر أو بقيت في إطار موسيقى الأندرجراوند مثل أقصى الوسط وماسكارا وغيرها.
خرجت أيضًا محاولات صغيرة من المشهد السوري مثل فرقة خبز دولة والتي قدمت ألبومًا واحدًا سنة 2015 قبل أن تختفي دون عودة، على الرغم من أن المشهد في سوريا كان بحاجة إلى أصوات مستقلة. حمل الألبوم تجربة محملة بآمال وأحلام وكوابيس عاشها الشباب بعد فترة الثورات بالمنطقة مع تبني واضح لصوت الشارع.
هذا وقدمت في نفس العام فرقة هوا دافي من قرية مجدل شمس في الجولان ألبوم "قصتنا"، تميّز الألبوم بمزج أنماط موسيقية منوّعة مع الروك من الجاز إلى الشرقي.
ومع استمرار ظهور فرق جديدة وتطور المشهد الموسيقي في المنطقة، يبقى الـ إندي روك مساحة مفتوحة للتجريب ما يعكس تنوع الثقافات التي تنبض بها هذه المنطقة. يمكن القول إن هذه الجنرا الموسيقية قد تجاوزت مرحلة التقليد إلى مرحلة تقديم أعمال أصيلة، وساهمت في تشكيل هوية موسيقية فريدة ومتجددة مع كل جيل جديد من الموسيقيين.