في إطار الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ 94، شهدت الساحة الثقافية والفنية في المملكة العربية السعودية تكريمًا مميزًا لأساطير الفن الذين تركوا بصمة لا تُمحى في وجدان الوطن، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإحياء إرثهم الخالد. حيث تم تقديم أعمال إبداعية استثنائية تجمع بين الأصالة والتقنية الحديثة، لتعيد الجمهور إلى الزمن الذهبي لهؤلاء الفنانين الذين شكلوا جزءًا من الهوية الوطنية السعودية.
كانت واحدة من أبرز المبادرات الفنية هي تلك التي شاركها معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، عبر منصة إكس، ليعلن عن الجمع بين اثنين من أعظم رموز الأغنية السعودية: طلال مداح وأبو بكر سالم. كانت هذه المبادرة ثمرة إبداع المخرج السعودي حسام يحيى الزهراني، الذي استخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج ديو غنائي يجمع بين أغنيتي "وطني الحبيب" و"يا بلادي واصلي"؛ وهما من أشهر الأغاني الوطنية التي جسدت حب الوطن وفخر أبنائه.
تمت الإشارة في مقدمة الفيديو إلى أن القصة من وحي خيال المخرج، حيث استُخدم الذكاء الاصطناعي لإعادة تقديم صوت وصورة الفنانين الراحلين بطريقة أقرب إلى الواقع، لكن مع لمسة فنية تقنية تُعبّر عن شغف السعوديين بإرثهم الثقافي والفني. هذا المشروع لا يعد فقط إعادة إحياء لأغاني خالدة، بل يُبرز كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعيد تشكيل ذاكرتنا الثقافية والفنية بطريقة مبتكرة. وقد لاقى الفيديو إشادة واسعة، حيث عبّر نجل الفنان الراحل أبو بكر سالم، أصيل، عن إعجابه الشديد بالفكرة والتنفيذ.
وفي سياق مماثل، قامت بيلبورد عربية بتكريم واحدة من رائدات الفن السعودي عتاب، في جلسة خاصة من جلسات بيلبورد عربية، التي جاءت بدورها للاحتفاء باليوم الوطني السعودي. في هذه الجلسة، نُسافر عبر الزمن إلى الثمانينيات، ليتم تقديم أغنية عتاب الشهيرة "يا سعودي" التي أدتها عتاب بروح وطنية وإيقاعات مبهجة، وقد كانت في الأصل تعاونًا بينها وبين الموسيقار طلال مداح.
وقد تم إعادة تصميم هذه الجلسة بتصور معاصر يسمح بتخيل كيف كانت عتاب ستؤدي الأغنية على خشبة المسرح لو كانت حاضرة اليوم. وتم تقديم توزيعات جديدة للأغنية التي تحمل صوت عتاب، فيما أظهرها فيديو الذكاء الاصطناعي وهي تؤدي وتتحرك حركاتها الأيقونية التي اشتهرت بها في حفلاتها، مما أتاح لجمهور الجيل الحالي التعرف على شخصية فنية كانت لها الجرأة والشجاعة لتمهيد الطريق أمام المواهب النسائية في المملكة.
تكريم هؤلاء الأساطير عن طريق الذكاء الاصطناعي لا يمثل فقط إحياءً لذكراهم، بل هو بمثابة جسر يصل الماضي بالحاضر. فالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم التراث الفني السعودي يعكس التقدم الكبير الذي تشهده المملكة في جميع المجالات، بما في ذلك الفنون والثقافة. كما يساهم هذا النهج في تعزيز الهوية الوطنية وتعميق ارتباط الأجيال الشابة بإرثها الفني، من خلال تقديمه بطريقة عصرية تواكب تطلعاتهم وفهمهم للتقنيات الحديثة.