على مدار 67 أسبوعًا متتاليًا، نافست أغنية "الوتر الحساس" على قائمة بيلبورد عربية هوت 100 للأغاني العربية الأكثر استماعًا، ومازالت حتى اليوم ضمن المراتب العشر الأوائل. حققت الأغنية نجاحًا واسعًا بعد صدورها عام 2018 ضمن ألبوم "نساي"، ووصلت إلى جمهور غير ناطق بالعربية من خلال تيك توك. ولكن ما يجهله الكثيرون عن الأغنية الهيت، هو أنها ورغم كونها باللهجة المصرية، إلا أن كلماتها تعود إلى الشاعر السعودي سعود الشربتلي، في تعاون مفاجئ ووحيد جمعه بشيرين طوال مسيرتها.
مع نجاح الأغنية الكبير على القوائم، وأثرها الذي امتد لنراه في مشاهد المسلسلات الرمضانية - بعد عرضها ضمن مشاهد مسلسل إخواتي- وبالتزامن مع الاحتفال بيوم الشعر العالمي، دفعنا الفضول لاستكشاف المزيد من أعمال الشاعر الغنائي سعود الشربتلي، وإرثه الفني في تعاونات مع كبار نجوم العالم العربي عبر العقود.
أولى أغانيه أبكت طلال مداح
جاءت انطلاقة سعود الشربتلي الحقيقية على يد طلال مداح الذي غنى ولحن أولى أشعاره "خلصت القصة". اختار طلال مقام الصبا وطبقة القرار لتتناسب مع طابع الكلمات الحزين.
ولدت الأغنية خلال جلسات عمل طويلة بين سعود وطلال في القاهرة، حيث كتب سعود المذهب وكوبليهين. لكن بعد وفاة شقيقه فيصل الشربتلي اضطرّ للسفر فكتب بعض الأبيات حزنًا عليه وهي: "مسافر مفارق مودع حبيب / مشيت في الطريق البعيد الغريب".
أُعجب طلال بالكلمات وأضافها للأغنية وعند تسجيلها، غلبه التأثر بهذا المقطع حتى بكى، ليظل إحساسه سببًا في استمرار أثر الاغنية حتى اليوم.
النجاح الكبير الذي حققه سعود مع طلال مداح، وثقته فيه التي جعلته يتعاون معه حوالي 10 مرات. امتد أثره ليصل إلى فنان العرب محمد عبده، الذي تعاون معه مرتين. الأولى كانت عام 2001 في ألبوم "شبيه الريح" من خلال أغنية "سير علينا" والثانية عام 2003 في ألبوم "مذهلة" بأغنية "البساط أحمدي" وكلا العملين حملا ألحان الفيصل، ليؤكد سعود مكانته كشاعر قادر على تقديم نصوص مبدعة تلهم قامات فنية كبيرة.
من أصالة إلى ميريام فارس: كلماته لنجمات البوب
تميزت أعمال سعود بتنوع اللهجات، وإن كانت العربية البيضاء هي الغالبة، مما جعل كلماته مفهومة للجميع. تعاون مع أصالة في أكثر من عمل، من بينها أغنية "عاشت الأسامي". لكن أغنية "اعطف حبيبي" التي لحنها سمير صفير في ألبوم "مشتاقة" عام 2002، كانت الأكثر نجاحًا وقت صدورها. عكست الكلمات بتعابير عميقة محاولات الشاعر لمصالحة حبيبته التي تأبى، معبرًا عن عذابه في غيابها: "أقبل عليا بزيارة/ ليروح عمري خسارة/ أنا بصريح العبارة/ مشتاقة لك موت والله".
في ألبوم "سلامات" الصادر عام 2007، قدم سعود لراشد الماجد واحدة من أجمل أغنياته "تنحط على الجرح". تميزت كلمات الأغنية بصدقها في ترجمة المشاعر الإنسانية، وهو ما عززه راشد بصوته وإحساسه، خاصة في المقطع:"الله لما تكلم كنك تغني ترنم / والورد منك تعلم والشاعر يضيع شعره". جاء اللحن سلسًا وبسيطًا من توقيع أحمد الهرمي، فيما تولى التوزيع الموسيقي أحمد أسدي، ليكتمل العمل بروح متناغمة جعل الجمهور ينتظر أداء راشد لها في حفلاته.
ثلاثي النجاح سعود والقعود وعاكف
اجتمع سعود الشربتلي مع الملحن عبدالله القعود والموزع طارق عاكف ليشكلوا ثلاثية ناجحة في عالم البوب. من بين هذه الأغنيات "ناويلك على نية" لأحلام، و"يضايقني" لعبدالله الرويشد، حيث كان اسمها الأصلي "يضايقني الحكي" لكن القعود اقترح تغييره.
كذلك، قدموا معًا "عادي" لنوال الزغبي، التي كتب فيها سعود عن المشاعر المختلطة وغير المفهومة في العلاقات العاطفية بطريقة تهكمية، مع التأكيد على صدق مشاعره بقوله: "انشغالي في غرامك / لحظة أنطرها وأبيها / لو تفتش في ضلوعي / تلقى نفسك إنت فيها".
شكل تعاون سعود مع ميريام فارس إضافة مميزة لمسيرتها، حيث غنت حوالي ست أغنيات من كلماته، كانت البداية مع أغنية "مكانه وين" التي صدرت عام 2008 ضمن ألبومها الثالث "إنت بتقول إيه".
تكاملت مع الكلمات عناصر الأغنية الأخرى، من اللحن العذب لعبدالله القعود إلى التوزيع الموسيقي الجذاب لطارق عاكف، الذي استلهم من الإيقاعات الشعبية الخليجية والعراقية، فكانت الأغنية بوابة ميريام فارس إلى جمهور الأغنية الخليجية مع نجاحها الذي تجاوز كل التوقعات.
سعود بين الأعمال والشغف بالشعر
ينحدر سعود من عائلة عريقة لها تاريخ طويل في التجارة والاستثمارات، مما ساعده في أن يصبح رجل أعمال ناجح، حاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وقد حقق نجاحات كبيرة في مسيرته العملية، دون أن يفقد شغفه الدائم بالشعر. ارتبط اسمه بالفنانة جيهان نصر، حيث كان زواجهما عام 1997 سببًا في اعتزالها الفن. تقدم لخطبتها بعد أن شاهدها في مسرحية "المحظوظ وأنا" مع سمير غانم، واضعا شرط التفرغ للحياة الأسرية، ليقام لهما حفل زفاف أسطوري لا يزال يتذكره الكثيرين.