من الطرائف التي ارتبطت بأغنية "أهلًا بالعيد" هي أن الكثيرين أساؤوا فهم إحدى الجمل في الأغنية، فعبارة "سعدنا بيها"، التي تعني "فرحنا بها"، سُمعت على مدار السنين وكأنها "سعد نبيهة"، مما دفع العديد من الناس للتساؤل: من هو سعد نبيهة؟
ضحكت الفنانة صفاء أبو السعود التي قدمت الأغنية عند الحديث عن هذا الأمر، قائلة: "إللي يعرفنا مين سعد نبيهة، هو الشاعر عبد الوهاب محمد!"، موضحة أن سوء الفهم هذا زاد من انتشار الأغنية وجعلها جزءًا من الذاكرة الجماعية للعيد.
وبالفعل فإن حكاية صناعة هذه الأغنية التي رسخت في ذاكرة أجيال متتالية رغم مرور ما يقارب أربعة عقود على صدورها، بدأت مع شاعرها وملحنها اللذان أصرّا على العديد من تفاصيلها.
بداية الحكاية
في بداية الثمانينيات، كان الموسيقار جمال سلامة يستمع دائمًا إلى أغنية "يا ليلة العيد" لأم كلثوم، والتي كانت الأغنية الوحيدة التي تُذاع في الأعياد، شعر حينها أن هناك فراغًا؛ فالأغنية تُخاطب الكبار، لكن ماذا عن الأطفال؟ لماذا لا يوجد لهم نشيد يعبر عن فرحتهم بالعيد؟ كانت هذه الفكرة هي الدافع وراء إبداع أغنية جديدة تدخل قلوب الصغار والكبار معًا.
توجّه سلامة إلى صديقه الشاعر عبد الوهاب محمد وعرض عليه الفكرة، ثم أعطاه مطلع الأغنية: "أهلاً أهلاً بالعيد"، طالبًا منه أن يكمل الكلمات، وبالفعل، بدأ عبد الوهاب محمد في كتابة الأغنية بروح احتفالية مليئة بالحيوية والفرح.
تردد صفاء أبو السعود
عندما عُرضت الفكرة على الفنانة صفاء أبو السعود، كانت حينها من أشهر المطربات اللاتي يقدّمن أغنيات الأطفال، لكنها لم تكن مقتنعة تمامًا في البداية، إذ استغربت بساطة الكلمات وسألت جمال سلامة: "إزاي هاقول أهلاً بالعيد.. أهلاً بالعيد؟ ده قليل عليّ!"، إلا أن الملحن طمأنها، مؤكدًا أن الأغنية ستُحقق نجاحًا كبيرًا وستصبح من الأغنيات الخالدة.
ومع بعض التردد، وافقت صفاء على تقديم الأغنية، رغم خوفها من أن تتم مقارنتها بأغنية أم كلثوم الشهيرة، لكنها لم تكن تعلم حينها أن هذه الأغنية ستُصبح جزءًا لا يتجزأ من احتفالات العيد في العالم العربي لعقود طويلة.
تصوير الأغنية.. أول فيديو كليب خارجي في مصر؟
عندما جاءت مرحلة تصوير الأغنية، كان لا بد من تقديمها بشكل جديد يُبرز بهجة العيد، وهنا جاء دور المخرج شكري أبو عميرة، الذي قرر تصوير الأغنية في الشوارع بدلًا من الاستديوهات المغلقة، وهو أمر لم يكن شائعًا في ذلك الوقت، استعان بعدد من المواقع المفتوحة مثل حديقة الأورمان وحديقة الحيوان، وبرج القاهرة، واستخدم الحَنطور، والدراجات، والبالونات ليعكس أجواء العيد المبهجة.
وبفضل خبرته في الهندسة، استطاع أبو عميرة إخراج الفيديو بأسلوب مميز، رغم الإمكانيات التقنية المحدودة في ذلك العصر. استغرق التصوير 15 يومًا، لكن النتيجة كانت مذهلة، وحصل الكليب على عدة جوائز عالمية، مما عزز من مكانة الأغنية كأحد رموز العيد الرسمية.