"ملخص شهري لكل ما هو جديد ومشرق ومثير للاهتمام على الساحة". بهذه الجملة افتتحت Billboard عددها الأول يوم 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1894؛ لتبدأ الرحلة بمجلة مؤلفة من ثماني صفحات تتناول مواضيع ترفيهية مُنوعة. ومع تطور صناعة الترفيه واستهلاك الموسيقى المسجلة بشكل أكبر، تطورت مجلة Billboard أيضًا؛ لتُصبح بحلول الأربعينيات من القرن العشرين معروفةً بشكل أكبر بفضل القوائم الموسيقية، التي تحوّلت إلى ماركة مُسجّلة باسمها.
وفي يوم 27 يوليو/ حزيران 1940، نشرت بيلبورد أول قائمة موسيقية بتاريخها، وكانت قائمة مكوّنة من 10 أغاني، تحت عنوان Best Selling Retail Records، وتصدرت القائمة أغنية تومي دورسي، "I’ll Never Smile Again". كانت هذه القائمة تعتمد على المبيعات في متاجر الأسطوانات، كحال معظم القوائم الأخرى التي أطلقتها Billboard لاحقًا في الأربعينيات وبداية الخمسينيات. إذ أطلقت خلال الأربعينات أربعة قوائم موسيقية على مراحل مُتقطعة، لتُخصص قائمة لموسيقى الآر-أند-بي سنة 1942، وتخصص قائمة Most Played Juke Box Folk Records لموسيقى الكانتري سنة 1944، والتي اعتمدت في جمع بياناتها على صناديق تشغيل الموسيقى للمرة الأولى، والتي تحوّلت في وقت لاحق إلى قائمة Hot Country Songs.
وتم إضافة قائمة Best Selling Popular Record Albums سنة 1945، التي تُعتبر أول قائمة تاريخيًا للألبومات الموسيقية. وفي الطريق إلى قائمة Billboard الأشهر والأكثر تأثيرًا Billboard Hot 100، نشرت بيلبورد قائمة "Top 100" يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1955، لتختبر معها تفاعل الجمهور مع هذا النوع من القوائم الموسيقية المُطولة، وتصدرت القائمة حينها أغنية "Love Is a Many Splendored Thing" لفرقة فور آسيز.
تم الإعلان عن إطلاق قائمة Billboard Hot 100 في 4 أغسطس/آب 1958، بعنوان مختصر: "The Billboard Hot 100"، لتشغل القائمة الصفحتين 36 و37 من هذا العدد من المجلة. أُرفق بالقائمة تعريف بسيط يُشير إلى طموح Billboard بتغيير شكل الصحافة الموسيقية من خلال اعتمادها على البيانات، حيث ورد: "نحن فخورون بتقديم قائمة Billboard Hot 100، أسرع وأكمل وأدق مؤشر لشعبية الموسيقى المسجلة في أمريكا. هذه الميزة الجديدة، ستذكر أسبوعيًا أفضل 100 أغنية، لتكون دليل على أداء الهيتات الحالية." عند إنشائها، اعتمدت قائمة Billboard Hot 100 على مزيج من البيانات، يشمل البث الإذاعي ومبيعات المتاجر ونشاط صناديق الموسيقى في الأماكن العامة. وذلك يختلف عن طريقة جمع البيانات اليوم، حيث لا يزال البث الإذاعي جزءًا من مزيج البيانات، وأُضيفت تحميلات الأغاني على شبكة الإنترنت إلى جانب مبيعات النسخ المادية من الألبومات، وأصبح البث الرقمي الآن المقياس الأكثر هيمنة على القائمة، التي مرّت برحلة طويلة من التطوير والتحديث واستوعبت كافة أشكال وأساليب تداول الموسيقي، وخُصصت قوائم منفصلة لتسليط الضوء على الأغاني الأكثر تشغيلًا عبر الوسائط المختلفة أيضًا، بدءًا من الأغاني الأكثر بثًا على الراديو وصولًا إلى التيك توك.
كانت Billboard تسعى دائمًا لتطوير قوائمها لتُصبح أكثر دقة وشمولية، سواء بتطويرها آليات جمع البيانات أو بإضافة المزيد من القوائم التي تُعطي المزيد من المؤشرات لصناعة الموسيقى وتطورها عبر عقود. خلال الستينيات والسبعينيات، أصبحت بيلبورد أكثر دقة وتنوعًا في قوائمها، حيث بدأت بنشر قوائم مخصصة لجنرات موسيقية بعينها، مثل الكنتري والآر-أند-بي والروك. كانت هذه القوائم تعتمد على مبيعات الأسطوانات وتشغيل الأغاني على محطات الراديو.
وفي التسعينيات بدأت Billboard سعيها لمواكبة التطورات الرقمية المؤثرة على صناعة الموسيقى، وعدّلت طريقتها بجمع البيانات مرارًا، ابتداءً من 20 يناير/ كانون الثاني 1990؛ حينها استخدمت Billboard نظام Broadcast Data Systems لرصد بيانات البث الإلكتروني لقائمة Hot Country Songs، التي كانت أول قائمة تستخدم بيانات BDS، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى جميع القوائم الأخرى. وفي عام 2005، بدأت Billboard في تضمين التنزيلات الرقمية للأغاني في حساباتها لقائمة Billboard Hot 100، ومع صعود خدمات البث الموسيقي مثل Spotify وApple Music، أصبحت البيانات المستمدة من هذه المنصات جزءًا أساسيًا من معايير Billboard أيضًا. وفي عام 2013، بدأت في تضمين مُشاهدات الفيديوهات الموسيقية على يوتيوب، في حسابات البيانات في قوائمها.
واليوم بعد أن مضى 66 سنة على إطلاق Billboard لقائمة Billboard Hot 100، أصبحت القائمة المعيار الأبرز لتقييم النجاح والشهرة في صناعة الموسيقى. ومنها يُمكن قراءة النجاحات والإنجازات التاريخية المبنية على الأرقام والإحصائيات، لتبرز العديد من الأسماء في سجلّات قوائم بيلبورد وتؤكد على مكانتها الأيقونية في تاريخ الموسيقى.
الاسم الأول الذي يبرز في سجلات Billboard Hot 100 هو فرقة ذَ بيتلز، التي تملك العدد الأكبر من الأغاني التي تصدرت القائمة تاريخيًا، إذ تصدّرت القائمة بـ20 أغنية، منها 19 أغنية وصلت للصدارة في الستينيات، لتكون أيضًا أكثر من تصدّر القائمة في عقد واحد. وذلك فضلًا عن الأغاني التي وصلت لصدارة Billboard Hot 100 بعد تفكيك فرقة ذَ بيتلز، ولاسيما بول مكارتني، الذي يملك رقمًا قياسيًا آخر يصعب كسره، بوصفه أكثر من كتب كلمات أغاني وصلت لصدارة Billboard Hot 100، برصيد 32 أغنية، ويليه زميله في فرقة البيتلز، الراحل جون لينون بـ26 أغنية.
وماريا كيري بدورها تملك سجلًا رائعًا على قائمة Billboard Hot 100، فهي تُعتبر الأفضل من حيث استمرارية، إذ تُعتبر الفنانة الوحيدة التي تصدرت أغانيها القائمة في أربعة عقود مختلفة؛ الثمانينيات والتسعينيات والألفينات وفي العشرينات من القرن الواحد والعشرين.
أما الأغنية التي تعتبر الأفضل أداءً في تاريخ Billboard Hot 100 فهي أغنية "Old Town Road" لـ ليل ناز إكس وبيلي راي سايروس، حيث قضت أطول فترة في المركز الأول، واستمرت بالصدارة 19 أسبوعًا؛ لتكسر حينذاك الرقم القياسي الذي كانت تتشارك به أغنيتين، هما: "Despacito" للويس فونسي ودادي يانكي وجاستن بيبر، التي أمضت 16 أسبوعًا في الصدارة سنة 2017، وأغنية "One Sweet Day" لماريا كاري وبويز تو مين، التي أمضت 16 أسبوعًا بالصدارة أيضًا، بين عامي 1995 و1996.
وهناك العديد من الألبومات التي سجّلت أرقامًا قياسيًا على قائمة Billboard Hot 100، من خلال حضور أغانيها كاملة في أسبوع واحد، وكان أطول ألبوم قد حقق هذا الإنجاز هو ألبوم تايلور سويفت الأخير، "The Tortured Poets Department"، الذي يتكوّن من 31 أغنية، حضرت جميعًا في المراكز الأربعين الأولى، بالإضافة لأغنية "Cruel Summer"؛ لتكون بذلك تايلور سويفت صاحبة أكثر عدد من الأغاني تشغل مراتب على قائمة Billboard Hot 100 بأسبوع واحد، برصيد 32 أغنية.
وكان ألبوم "Bad" لمايكل جاكسون قد سجّل رقمًا قياسيًا في عامي 1987 و1988، بتصدر خمسة من أغانيه قائمة Billboard Hot 100، حيث تصدّرت القائمة في تلك الفترة الأغنية التي يحمل الألبوم اسمها "Bad" وأغنية "I Just Can’t Stop Loving You" التي تعاون بها مع سايده جاريت، بالإضافة لـ"The Way You Make Me Feel" و"Man in the Mirror" و"Dirty Diana". وعادلت كاتي بيري الرقم القياسي المسجّل لألبوم مايكل جاكسون من خلال ألبومها "Teenage Dream"، الذي تصدرت خمسة من أغانيه قائمة Billboard Hot 100 في عامي 2010 و2011، وهي "California Gurls" التي تعاونت بها مع سنوب دوج وأغنية "E.T" التي تعاونت بها مع كاني ويست، وأغنيتي "Firework" و"Last Friday Night"، بالإضافة للأغنية التي حمل الألبوم اسمها "Teenage Dream".
الأغاني التي تصدرت قائمة Billboard Hot 100، وصل عددها إلى 1174 أغنية حتى اليوم، وهي متنوعة بالجنرات الموسيقية، ما بين البوب والروك والكنتري والآر-أند-بي والهيب هوب وغيرها، ومتباينة بسماتها ومشاعرها لتعكس تنوّع الذوق الموسيقي؛ إذ تصدرت القائمة الأغاني سريعة الإيقاع والبطيئة أيضًا، والأغاني الحزينة والمُبهجة، والأغاني الطويلة والقصيرة؛ وتعتبر أقصر أغنية تصدرت قائمة Billboard Hot 100 أغنية "Stay" لموريس ويليام وذَ زودياك، الصادرة عام 1960، والتي بلغت مدتها 1:38 دقيقة فقط. أما أطول أغنية تصدرت القائمة، فهي أغنية "All Too Well- Taylor’s Vergin" لتايلور سويفت، التي صدرت سنة 2021، ووصلت مدتها إلى 10:13 دقيقة. علمًا أن هذه الأغنية صدرت مصحوبة بفيلم قصير بعنوان "All Too Well: The Short Film"، والذي أخرجته تايلور سويفت، وبلغت مدته 14:56 دقيقة.
وحضور الفنانين الذين تصدروا قائمة Billboard من أعراق وأجناس مختلفة، يعكس تنوع المساهمين بصناعة الموسيقى العالمية، كما أنهم من أجيال مختلفة. إذ يعتبر لويس أرمسترونغ أكبر من تصدر قائمة Billboard Hot 100، حين تصدرها عام 1964 بأغنية "Hello, Dolly" بينما كان يبلغ من العمر 62 عامًا وتسعة أشهر. أما أصغر فنان تصدرت أغنيته قائمة Billboard Hot 100، فكان ستيفي وندر، الذي تصدر القائمة بينما كان يبلغ من العمر 13 عامًا فقط، وذلك بأغنية "Fingertips" التي وصلت إلى الصدارة عام 1963.
ولاتزال تجربة Billboard تتطور باستمرار، وتنتشر على نطاق أوسع لتشمل أسواق موسيقية مختلفة وتُغطي كل الجنرات النشطة في صناعة الموسيقى، وقد توسعت تجربة Billboard من خلال انتشارها في العديد من البلدان حول العالم، التي أصدرت قوائم مماثلة لقائمة Billboard Hot 100 التي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية في الخمسينيات؛ لتَصدُر قوائم بيلبورد في العديد من بلاد آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. وفي نهاية 2023 وصلت قوائم بيلبورد إلى العالم العربي، بإطلاق موقع بيلبورد عربية لقائمتي بيلبورد هوت 100 وبيلبورد 100 فنان، ولاتزال التجربة تتوسع من خلال القوائم التي بدأت بيلبورد بإطلاقها في عام 2024، والتي خصصت لكل جنرا موسيقية واحدة منها، لتبدأ بإطلاق قوائم أعلى 50 أغنية مصري، وأعلى 50 أغنية خليجي، وأعلى 50 أغنية مغاربي، وأعلى 50 أغنية ليفانتين، منذ شهر أغسطس/ آب 2024.