تقف إليسا اليوم وتمتد خلفها رحلة فنية وحياتية استثنائية على مدار أكثر من 25 عامًا. بدأت مسيرتها الفنية في بداية التسعينات، واستطاعت منذ انطلاقتها أن تترك بصمة مميزة في عالم الموسيقى العربية. هي واحدة من الفنانات اللاتي جمعن بين الصوت المميز والرسائل الإنسانية المؤثرة، وأصبحت أيقونة في عالم الفن العربي. سنتعرف في هذا المقال على أربعة أوجه لشخصية إليسا التي جعلتها من أبرز الفنانات في الوطن العربي عبر السنوات وصولًا إلى تكريمها مؤخرًا بجائزة الأيقونة ضمن حفل توزيع جوائز بيلبورد عربية للموسيقى بنسخته الأولى.
الموهبة التي آمنت بنفسها
منذ بداياتها، كانت إليسا ثابتة في إيمانها بقدرتها على النجاح. انطلقت من استديو الفن في عام 1992، ومن ثم قدمت أول ألبوم لها "بدي دوب" في عام 1998، ليكون نقطة انطلاق حقيقية نحو الشهرة. رغم التحديات التي واجهتها في البداية، مثل الحفاظ على مكانتها في سوق فني متقلب، إلا أنها استطاعت أن تظل محافظة على إيمانها بنفسها. أغنيتها الهيت "عايشالك" التي أطلقتها في 2002 كانت بداية لمغامرتها مع الموسيقى الإلكترونية حيث قدمت لأول مرة أسلوب البوب هاوس، مما منحها تفردًا خاصًا في مشهد الموسيقى العربية.
المرأة القوية والواثقة
لم تكن إليسا فنانة فقط بل أيضًا نموذج للمرأة القوية التي تملك الثقة بالنفس. في العديد من أغانيها، قدمت نفسها كرمز للمرأة المستقلة التي تتحدي الصعاب. من خلال أغاني مثل "تعبت منك" و"يا مرايتي"، كانت إليسا دائمًا حاضرة لتشجيع النساء على الوقوف ضد العنف والظروف الصعبة. في أغنيتها "يا مرايتي"، تتوجه برسالة واضحة للنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي، داعية إياهن للانتفاض وبدء حياة جديدة، مما يبرز قوتها الشخصية وعزمها على نشر الوعي حول القضايا الاجتماعية.
كانت إليسا دائمًا قادرة على التوفيق بين ما يراه الجمهور عنها وبين شخصيتها الحقيقية. في أغنيتها "عكس الي شايفينها"، تحدثت عن المظاهر السطحية التي يراها الناس وواقعها الشخصي العميق. هذا التوازن بين الحياة العامة والشخصية جعلها تبرز كفنانة حقيقية قادرة على التعبير عن مشاعرها وأفكارها من خلال موسيقاها. إضافة إلى ذلك، فإن تعاملها مع مرض السرطان الذي حكت عنه في فيلم الوثائقي الخاص عن "It’s Ok"، الذي عُرض في 2024، كان بمثابة اعتراف علني بشجاعة امرأة تقف أمام تحديات حياتية كبيرة وتشاركها مع جمهورها.
عندما مرت إليسا بمرحلة مرض السرطان، أظهرت للعالم قوتها وإصرارها على الشفاء، وشاركت في الوثائقي أسرار خاصة عن تجربتها مع المرض، وأظهرت جوانب إنسانية جديدة في شخصيتها وأثرت في العديد من معجبيها. تمثل هذه المرحلة من حياتها نقطة تحول كبيرة في مسيرتها، حيث اعتبرت تجربتها مع المرض فرصة لمشاركة رسائل أمل وقوة، مما جعلها قدوة للكثيرين.
صاحبة النظرة الإبداعية والمستقلة
لم تقتصر إليسا على أن تكون مجرد فنانة مؤدية، بل كانت دائمًا تُشرف على جوانب كثيرة من مشاريعها الفنية. كانت شديدة الحرص في اختيار الألحان والكلمات التي تتناسب مع رؤيتها الشخصية. شاركت في ألبومات مثل "أحلى دنيا" و"بستناك" بالرؤية الإبداعية والفنيّة، كما شاركتنا خلال مقابلتها الخاصة مع بيلبورد عربية حين كانت نجمة الغلاف خلال شهر يناير / كانون الثاني 2024، وكشفت عن خياراتها الذكية للألحان والكلمات التي تتناسب مع شخصيتها، واهتمامها بكل التفاصيل الصغيرة في مشاريعها. كما تعاونت مع العديد من الملحنين والشعراء مثل جان ماري رياشي ونادر عبد الله وأمير طعيمة، لتقديم أغانٍ تعكس شخصيتها الحقيقية.
منذ بداياتها، ثم مرورًا بألبومات "تصدق بمين" و"أنا مجنونة"، ظهرت إليسا بمزيج بين إيقاعات الهاوس والبوب الشرقي، مما عكس رؤيتها الفنية الخاصة والمتحررة من القيود التقليدية. واجهت خلال هذا العام تحديات كبيرة عند طرحها ألبوم "أنا سكتين" في مايو/ أيار، خاصة في مرحلة التوزيع على مواقع البث والقنوات، لكنها تغلبت على هذه التحديات وتمكنت من طرحه، وحققت أغانيه انتشارًا كبيرًا. حمل الألبوم أغاني باللهجة اللبنانية والمصرية، وأكد على حضورها القوي في المشهد الذي ظهر بوضوح من خلال حضورها الثابت على قائمة 100 فنان.
الأيقونة
وفي لحظة مميزة من النسخة الأولى لحفل جوائز بيلبورد عربية، تم الإعلان عن فوز إليسا بجائزة الأيقونة، تكريمًا لمسيرتها الفنية التي امتدت لأكثر من 25 عامًا، وتقديرًا لتأثيرها الاستثنائي في مشهد البوب في العالم العربي. تجمع شخصية اليسا الفنية بين القوة والرقة بين النجاح والتحدي، وتستمر في تقديم أغاني تعكس شخصيتها الحقيقية. سواء كانت "تعبت منك" أو "يا مرايتي" أو "عايشالك" وصولًا إلى صدور ألبوم "أنا سكتين"، بقيت إليسا في صدارة الفن العربي بفضل إيمانها بنفسها، وقوتها في مواجهة الصعاب، ورؤيتها الفنية المستقلة. وفي النهاية، تظل إليسا كما كانت دائمًا: الأيقونة التي تجمع بين الفن والإنسانية.