يسمح لنا تفحص إصدارات بيج سام في الأسابيع الماضية، فهمًا أعمق لشخصيته الفنية بكافة جوانبها، حتى إن لم نكن نعرفه من قبل إطلاقًا. كان النجم الشاب الذي عاشَ نشاطًا فنيًا لم ينقطع من انطلاقته كفنان مستقل قبل حوالي سبع سنوات، قد خاض في الصمت لبضعة أشهر مؤخرًا مع حلول أكتوبر/ تشرين الماضي، مع تصاعد الحرب على قطاع غزة، لينهي هذا الصمت بأغنية "لو مرة بس" التي فرّغ بكتابتها وتلحينها مشاعر الحزن والغضب تجاه الدمار الذي شهدته غزة في فترة قياسية.
بالتزامن مع إصداره أغنية "ديسمبر"، أعلن بيج سام انتقاله رسميًا للتعاقد مع تسجيلات يونفرسال ميوزك مينا، ليقدَّم من بعد هذا الإعلان إصدارين من لونين موسيقيين مختلفين. عاد في أولهما "روح" إلى كتابة وأداء الهيب هوب الذي انطلقت منه مسيرته أساسًا، إذ لم يتوقف بيج سام يومًا عن تقديم نفسه كفنان هيب هوب، وإن كانت السنوات الماضية قد شهدت تنقّله بانسيابية في الإندي والبوب وحتى الروك الذي سمعنا لمحات منه في ألبومه الطويل الأول "بركان". أوضحت مجمل تجارب بيج سام أنه ومهما كانت رابطته بالهيب هوب شخصية وعميقةً، فإن صوته سيملي عليه دومًا التوجه إلى مسارات جديدة، حيث يمكنه الغناء أكثر، الصوت ذاته الذي دفعه لإطلاق "ما بتهون" قبل أربع سنوات، محققةً 90 مليون مشاهدة على يوتيوب وحده حتى اليوم.
مؤخرًا، مدفوعًا بنفس الحاجة لتقديم أداء غنائي لا يمر مرور الكرام، أصدر بيج سام احدث أغانيه "أوقات" التي كتب كلماتها ولحّنها بنفسه، محمّلًا إياها من شجن أقصى ما يمكن توقعه من شاب في العشرينيات. كتب بيج سام الجمل الافتتاحية بالعربية الفصحى وأدّاها مضفيًا عربًا تطريبية لتبدو الافتتاحية متأثرًا بمواويل لطفي بوشناق وصباح فخري: "يقال إني كل ما جنت روحي علي/ صابت جنوني بسحرها عدت صبي". قبل أن ينتقل للأداء بلهجة البادية المألوفة في الإصدارات الذهبية لليفانتين بوب: "يا أوقات مر الزمان صابر ولا ملت عيوني/ وأحبابي ما حنوا على جرحي ولاموني/ يا غياب من لي لو سابوني/ يا اوقات ليلي إجى وخلي ولا داري بحالي/ وقتي مضى واسمي بقا خل الليالي".
أضفيت طبقة أخرى من الشجن على اللحن عبر التوزيعات التي افتتحت الأغنية بأسطر الكمنجات، انتقلت بعدها إلى سولوهات البزق في الفواصل الموسيقية، مع نثرات من الناي على امتداد الأغنية. قام بتنفيذ التوزيعات جوزيف دمرجيان، الذي يبدو أنه أسس لشراكة موسيقية عميقة مع بيج سام، فلم تغب لمساته عن مجمل إصداراته في الفترة الماضية.