تترك البدايات أكبر أثر ولا بد في نمط التفكير والعمل على المشاريع الموسيقية، ومهما تطورت الأدوات والمستوى، تظل بصمة تلك البدايات حاضرة في العديد من الأعمال المميزة لأي فنان. كيفية البداية والمشروع الأول والنشأة الموسيقية، كلها ظروف وملابسات تترسب لنا في الأغنية والألبوم أو حتى الفيديو كليب. ومنطقة البداية التي أتى منها الموزع الموسيقي حاتم عبد العزيز المعروف موسيقيًا بإسم توما، تجعلنا نستوعب بشكل كبير لمَ تحوي العديد من الهيتات التي تعاون فيها مع أبرز نجوم الوطن العربي تحمل هذا الحس من اللعب والحركة، ليستطيع في سنين قليلة دفع إسمه إلى طاولة الكبار المميزين في عالم ليس من السهل أن تترك بصمة به.
ذكر توما أنه بدأ مسيرته الموسيقية بالغناء ككورال في الأغاني التجارية إلى جانب محمد حماقي، والذي يعود ويقدمه للعالم الموسيقي بأول توزيع رسمي لأغنية "واحدة واحدة" من الفيلم الكوميدي الناجح حينها "جعلتني مجرمًا" من بطولة أحمد حلمي بعام 2006. حملت هذه البداية الكثير من المرح، مع خلفية موسيقية تعلم أهمية إضافة التمثيل الحركي لإيقاع الموسيقى سواء كانت موسيقى حزينة أو أغنية مرحة أو أغنية صيفية، وتدرك متى يمكن بالضبط وضع المؤثر الخارجي الذي يخلق تأثيرًا ويفتح شهية المستمع للمزيد.
يطبق توما ذلك بوضوح في تعاوناته الدسمة مع رفيق بداياته حماقي في أغاني مثل "جرى إيه"، "جت يا مجتش"، "بعدنا ليه"، "بحبك كل يوم أكتر"، "بنداري"، "أكتر من الدنيا"، "قالوا عنك"، "طمنوني عليك"، "ناويها"، "مش معقول". في "طمنوني عليك" كمثال يخلق حالة ترقب وحركة من اللاشيء، في التقدمة التي تحمل روحًا اوركسترالية، مع الرق المتقطع في الخلفية، لينقل حالة انقطاع الصلة، أما في "ناويها" فيختار تكرار الإيقاع بشكل مضخم ومتسارع، يتناسب مع إصرار حماقي على إضفاء الجدية في العزم على توثيق علاقته بحبيبته.
ساهم توما أيضًا في توهج مسيرة هشام عباس من جديد في نهاية العقد الأول من الألفية، حيث تعاون معه في "متبطليش" و"عامل ضجة" و"طول ما انت بخير" و"بتيجي قصادي" و"يا وعدك"، مقربًا إياه لروح الموسيقى الالكترونية الراقصة، كما كان قريبًا من توزيعات حميد الشاعري الثورية قبل ذلك مبرزًا إياه بالحقبتين.
لعب دورًا كبيرًا في تقديم اللمسة المثالية للعديد من هيتات شيرين التي تتناغم مع روحها المرحة في المنطقة الرومانسية، منها "الوتر الحساس"، والتي ظلت حاضرة في مراكز متقدمة على قائمة بيلبورد عربية هوت 100 رغم مرور خمسة أعوام على صدورها، وهذا لما أضفى عليها من نغاشة متجردة من التكلف، معتمدًا على آلات وتركيبات إيقاعية إلكترونية بسيطة، تتيح مساحة لتدفق المشاعر بصدق. تكرر الأسلوب نفسه في "يا ليالي"، كما اشترك في صناعة "ومين اختار" و"الدهب" و"في ليلة" و"قلة النوم". ويكرر تلك الحالة ولكن بحركية ومساحة إضافية للمؤثرات الصوتية في مشاركاته مع تامر حسني مثل "يا تاعبني"، "يا عيون"، و"قلبي اللي بحبك". أو الروح المتناقضة للعلاقات في حبها وكرهها كثيمة لدى أنغام في "متلخبطة"، "عارفة قيمتي"، و"بتوصفني بتكسفني". ساهم أيضًا في صناعة هيتات لفنانين متعددين بمسيرتهم بشكل جزئي مثل حسام حبيب، والذي وزع له "هو حبيبي" و"في كلام" و"تعرفي" و"اسيبك لا"، وأحمد باتشان في "يلا كمل"، "يا روحي"، و"سقفة كبيرة".
ساهمت لمسته بالانتقال بين الآلات الكلاسيكية الوترية والموسيقى الإلكترونية والآلات الشعبية كالطبلة البلدي والناي في خلق المزاج الانفعالي للعديد من الأغاني البارزة مثل "فاكرني انساك" و"خليني بعيد" و"غريبة الناس" لوائل جسار، و"سكة السلامة"، و"أنا برضه الاصل" لآمال ماهر، و"هاجي على نفسي" و"مستبيع" لتامر عاشور.
حتى هيتات الصيف التي تحمل روح الموسيقى الإلكترونية الراقصة والتي استحالت ترندات في أعوام صدورها، حملت توقيع توما، والذي كان ضلعًا مهمًا بمسيرة حسين الجسمي بتعاوناتهم في "ستة الصبح" و"مساء الخير" و"مبروك لمصر"، والأغنية الإعلانية "سر السعادة"، "بالبنط العريض". كما كان جزءًا من نجاحات عودة روبي القوية عبر توزيعه لـ "حتة تانية"، و"تلت ساعات متواصلة".