ترندات متجددة عبر الزمن: أفضل هيتات إيهاب توفيق البوب الراقصة

عاد إيهاب توفيق ليتصدر الترند على منصات السوشيال ميديا بعد حواره في برنامج "معكم منى الشاذلي"، حيث استعرضت عشرات المقاطع لأغنية "الله عليك يا سيدي" التي شاركها جمهور من جزر الهادي، سواء أفراد يحبون الأغنية أو جماهير يرددونها مع مطرب آخر في حفلات حية ضخمة أو في حفلات دي جي. بينت هذه المقاطع أن لإيهاب توفيق شريحة واسعة من الجمهور هناك، من غير الناطقين باللغة العربية، لكنهم وجدوا في أغنية ما يبحثون عنه كأغنية هيت راقصة.

في الواقع، لإيهاب توفيق الكثير من الأغاني الإيقاعية الراقصة التي تعود إلى الواجهة في كل حين كترند على تيك توك وغيره، فقد كان توفيق أحد الأسماء المتصدرة لمشهد البوب بالتسعينات. "بوب الميكروفون" كان آنذاك ضمن المجموعة التي صعد اسمها مع المنتج والموزع الموسيقي حميد الشاعري، حين قدم توليفة بين البوب والموسيقى الشعبية المصرية استهوت شريحة ضخمة من جمهور الكاسيت آنذاك، خالقة إحدى حلقات الوصل الأمتع في تاريخ جُنرا البوب المصري. 

توليفة إيهاب بالتحديد قدمت مساحات تجريبية مختلفة، من البناء الموسيقي والرتم الخاص بأغانيه الراقصة، إلى طريقة الحكي والسرد اللغوي المتنوعة، والتي يحمل بعضها جانبًا مرحًا خفيف الظل، هذا بالإضافة إلى إختيار طبقات صوتية تميل في الأغلب إلى الاحتفالية والطبقات العالية. يحمل كتالوج إيهاب توفيق الكثير من الأغاني الراقصة التي يمكن أن تدخل قائمة أي دي جي بأي حفلة بأي بقعة بالعالم. وفي هذه القائمة، نستعرض أهم الهيتات الراقصة في مسيرته.

برزت هذه الأغنية بدخلة الأكورديون مع الطبول ذات البايس المضخم، والهوك القوي في جملة "الله عليك يا سيدي/ قلبك دفا إيدي". تركيبة الأوتوتيون مع الترومبيت مع الغناء من طبقة عالية والإيقاع السريع للجسر المميز الذي يبدأ من مقطع "إسمع لكلامي سلم لغرامي" حتى "بس انت بتداري"، شكّلت مع صوت الكورس سكلًا إيقاعيًا احتفاليًا. الأغنية من كتابة أحمد شتا ومحمود الخيامي وألحان وتوزيع حميد الشاعري.

تكمن براعة تلك الأغنية في البساطة الشديدة لتركيبها الموسيقي. وإن كانت أغلب أغاني إيهاب توفيق قد امتازت بتلك السلاسة والبساطة، لكن تلك المرة أخذ الأمر منحنى أكثر توظيفًا لتلك الخاصية، فهي تعتمد بشكل كامل على  تكرار نمط واحد من التصفيق مع الناي الحزين، والأخذ والرد بين إيهاب توفيق والكورس، بالإضافة إلى استعمال كلمة غير لا تحمل معنى دارج في قاموس المستمع وهي "داني"، وإعادة تكرارها وبناء وزن وقافية كاملين على أساسها لمعظم مقاطع الأغنية، وهو الستايل الأبرز والأمثل لمنتجي ودي جيهات التكنو والدبستيب. الأغنية من كتابة عادل عمر وألحان وتوزيع حميد الشاعري.

تنتمي الأغنية بشكل واضح وصريح للمدرسة الشعبية، حيث الطابع الحزايني في مقابل الألحان المبهجة، الجرح والوجع بالكلمات مقابل التوزيع الراقص، التناقض المميز والأثير للأفراح الشعبية بالتحديد، لذلك فهي تخلق ألفة مع أذن المستمع. ينطلق دائمًا رتم الموسيقى في تلك الأغاني من الطبقات العميقة شديدة الانخفاض للطبقات العالية، مع الوصول لذروة المعاناة العاطفية أو النفسية بشكل عام. الأغنية من كلمات أحمد شتا وألحان حمدي صديق وتوزيع أشرف عبده.

أكثر ما يميز هذه الأغنية هو وجود المزمار البلدي، والذي يجعلها أقرب للأهازيج الشعبية التي تتناول الانتظار واشتياق الحبيب بشكل أقرب للحكي، وهي من كلمات عادل عمر وألحان وتوزيع حميد الشاعري.

اعتمدت على استعمال صوت الطبلة المتآكل عن قصد، مع الكمنجة والبايس الغليظ والتشويش، هذا بالإضافة إلى وجود طبقة ثانية للحن تحمل طابع أوركسترالي من أداء الكمانجات. قدّمت كلمات الأغنية حالة من الشك الكامل بالمعجب العاطفي بشكل طريف، وهذا ما وضعها ضمن الأغاني المميزة والقليلة في تلك المساحة. الأغنية من كلمات أيمن بهجت قمر وألحان طارق مدكور.

بعيدًا عن استنكار شخصية في فيلم "سمير وشهير وبهير" لعدد مرات ذكر كلمة "يا سلام" القصيرة، ستظل عدد مرات كلمة "يا سلام" في الأغنية عملية حسابية تستحق التأمل، وهو ما يخلق مدخل تركيبة مميزة للأغنية، سواء بسبب الدفوف المتتابعة أو الأوتوتيون المستعمل في مدخل الجملة بكل مرة. أيضًا الأداء المُسرع للمقطع التالي يجعلها تعطي نفس روح أغاني التراث الشعبي المعتمدة على الارتجال بجمل قصيرة مقفاة في وصف جمال المعشوق. هذا بالإضافة لاستعمال صدى الصوت بشكل ملحوظ. الأغنية من كلمات أمير طعيمة وألحان محمد رحيم وتوزيع عبده. 

الألفة هي كلمة سر تفوق تلك الأغنية، فباستثناء وجود الجيتار الإلكتروني بوضوح، لا يختلف التوزيع عن معظم أعمال إيهاب توفيق الراقصة، فمحبوبته هي "الأحلى منهم"، و"الفارقة عنهم"  و"جامدة أوي زي ما الكتاب قال". وهي كتابة نسائية من كلمات حمدية التيتي وألحان حمدي صديق وتوزيع محمد نور.

تقدم الأغنية مزيجًا من مقدّمات مسمبلة لأصوات جماهير المدرجات من جهة والمقسوم الشعبي من جهة. هذا بالإضافة للروح المرة للأغنية في الكثير من المقاطع، حين يشكوا إيهاب توفيق من عدم قدرته على النوم بسبب محبوبته، ثم يستدرك بقوله "يعني بنام تخاطيف"، أو وصفه لحال قلبه الحران طوال الشتاء والصيف. الأغنية من كلمات أحمد شتا وألحان حسين محمود.

تحمل تلك الأغنية طعم الصُحبة وشلة الكابو، ويمكن استنتاج ذلك من خليط البيانو ذو النوتات الحادة مع الدرامز، بالإضافة إلى جملة الكورس "لا لا"، المتبوعة بعبارة "على كيفك ميل". ودون الحاجة للنظر للبيانات الخاصة بالأغنية يمكن معرفة أن التلحين والتوزيع كان من نصيب مصطفى قمر، والكلمات كانت لرفيق مسيرتهما سامح العجمي.

بالإضافة إلى دخلة الكمان الحزين الساخرة المشابهة لتترات مسلسلات التسعينيات الدرامية الثقيلة، لعبت الحركات القصيرة للأورج  مساحة في خلق إيقاع راقص هادىء مرح للأغنية، مع إعطائها طابعًا شعبيًا في هوك الكورس "الرحمة ياهو/ الرحمة ياهو". 

تلعب الأغنية بشكل أساسي على التمبو العالي لطبقة صوت إيهاب، بالإضافة إلى خليط التخت الشرقي مع الترومبيت والجيتار الإلكتروني. وهي من كلمات عادل عمر وألحان عمرو طنطاوي وتوزيع أشرف عبده.

من المثير للاهتمام، أننا لأغنية "رسمتك" فرصًا جيدة للنجاح في أيامنا إذا تخيلناها بلغة العصر الحالي، سواء تم توزيعها على إيقاعات جروف هادىء أو جيرسي متسارع. الأغنية جمعت بين الأكورديون والكيبورد كآلتين أساسيتين، لكن نقطة قوتها الأبرز من هذا الخليط هو القدرة على خلق إيقاع موسيقي من تتابع الكلمات؛ عن طريق جملة تبدأ بفعل ثم تفسير لحالة أو صفة: "ناديتك.. حن قلبي ومال" / "لقيتك.. بدر للمكسوف"، "بحبك.. قد موج البحر" / "وقلبك.. كله شوق وحنين".