ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالأخبار التي تم تداولها حول الحالة الصحية للملحن عمرو مصطفى، بعد خضوعه لعملية جراحية لاستئصال ورم، وامتلأت صفحات الفنانين برسائل المحبة والأمنيات بالشفاء، ليؤدي الظرف الجديد إلى وضع حد للخلافات الفنية والشخصية التي كانت قد لاحقت اسم عمرو مصطفى في السنوات الأخيرة.
لا شك أن عمرو مصطفى واحد من أبرز الشخصيات في تاريخ الموسيقى العربية، فخلال رحلته الفنية لحّن أكثر من 350 أغنية، سيطر من خلالها على سوق البوب المصري في بداية الألفينيات، وحفر اسمه بأحرف من ذهب من خلال تعاونه مع ألمع النجوم في العالم العربي، لتغزو ألحانه كل بيت عربي. بل وجذبت أعماله اهتمام صناع الموسيقى حول العالم ليعيدوا إنتاجها بلغات متعددة. كل ذلك إضافةً إلى تجربته المُثيرة في الغناء، التي تُعتبر من الأنجح بين كل تجارب الملحنين الذين خرجوا من ظل النجوم.
البدايات، والرحلة مع عمرو دياب
بدأت رحلة عمرو مصطفى الفنية مع عمرو دياب من خلال أغنيته الشهيرة "خليك فاكرني"، ليبدأ معها تاريخ طويل من النجاح الفني المشترك بينهما. فمنذ مطلع الألفية، كان عمرو مصطفى أكثر من لحّن له هيتات، وثاني أكثر مُلحن غنّى الهضبة من ألحانه؛ برصيد 43 أغنية. من بينها 4 أغاني حملت ألبومات عمرو دياب اسمها (أكثر من أي ملحّن آخر)، ونسبة كبيرة من الأغاني المتبقية كانت هيتات مثل "العالم الله" و"بقدم قلبي" و"باين حبيت"، بالإضافة إلى "قصاد عيني" التي دخلت قائمة بيلبورد عربية هوت 100 بعد مرور أكثر من 20 سنة على إصدارها.
كانت آخر تعاوناتهما في الأغنية المنفردة "جامدة بس" عام 2020، قبل أن يدُب بينهما الخلاف الذي يبدو أنه قاب قوسين أو أدنى من أن يتم حلّه، بعد أن قام عمرو دياب بكتابة رسالة لدعم عمرو مصطفى عقب عمليته الجراحية. مما يُشير إلى أن الجمهور قد يسمع قريبًا المزيد من الأغاني بصوت عمرو دياب على ألحان عمرو مصطفى.
دور عامر منيب
يتحدث عمرو مصطفى دائمًا في مقابلاته عن دور المغني الراحل عامر منيب في رحلته الفنية؛ ليؤكد أن التعاون بينهما كان من أبرز العلاقات الفنية التي شكلت حجر الزاوية في مسيرته، ويؤكد أن عامر منيب كان أحد أهم الداعمين والمُلهمين له في بداية مشواره، وكان له دور محوري في إبراز موهبته والتعريف به على الساحة الفنية العربية. تعاون الثنائي بالعديد من الأغاني، أبرزها "جيت على بالي" و"عامل إيه في حياتك" و"بينا نعيش".
جيل جديد من الفنانين نجحوا بألحان عمرو مصطفى
في بداية الألفية الجديدة، ترك عمرو مصطفى بصمة لا تُنسى أثرت بعمق في جيل جديد من الفنانين الجدد، حيث أسهمت ألحانه في تشكيل هوية خاصة لكل منهم. من أبرز نجوم تلك المرحلة كانت شيرين وجدي، التي اقترن نجاحها بتعاوناتها مع عمر مصطفى، بأغاني مثل "لو بينا أيه" و"ولا ليلة" و"لفيت بلاد الله" مع جيتارا.
كما كان له أثر كبير في نجاح محمد حماقي، الذي وصل إلى ذروة نجاحه عربيًا بأغنية "أحلى حاجة فيكي"، التي لحّنها عمرو مصطفى. ولحّن عمرو أيضًا عشرات الهيتات بتلك الفترة لنجوم من الجيل الجديد مثل شيرين عبد الوهاب ولؤي وبهاء سلطان وغيرهم، وجذبت ألحانه أيضًا نجوم التسعينيات مثل هشام عبّاس ومصطفى قمر وخالد عجاج وغيرهم.
لعبت ألحانه دورًا هامًا في بعض التجارب الموسيقية الفريدة التي ظهرت بتلك الفترة، مثل فرقة البوي-باند "واما"، التي انطلقت مع ألحانه بأغاني مثل "يا غالي عليّ" و"رايحة جاية "، بالإضافة لألحان أعضاء الفرقة. وبذلك ساهمت ألحان عمرو مصطفى بإحداث تغييرات مؤثرة في الأغنية المصرية في تلك الفترة بشكل واضح.
تعاونات عمرو مصطفى مع النجوم العرب
موهبة عمرو مصطفى الفريدة جذبت النجوم من مختلف أرجاء العالم العربي ليتعاونوا معه، ويُلحّن لهم أغاني لاتزال تعيش في الذاكرة، فبعد عام واحد من انطلاقته، تعاونت معه النجمة نوال الزغبي، بأغنية "حبيته سنين طوال"، وامتد التعاون بينهما لسنوات لحّن فيها عمرو مصطفى العديد من هيتاتها.
تعاون معه أيضًا العديد من الفنانين الكبار في الليفانتين بوب ومن الجيل الجديد بأغاني باللهجة المصرية، من أبرزهم راغب علامة ومايا نصري. وجذبت ألحان عمرو مصطفى أيضًا نجوم الخليج العربي ليتعاون معه راشد الماجد وحسين الجسمي.
لكن التجربة الأبرز كانت بتعاونه مع نجوم الأغنية المغاربية، مثل الشب مامي والشب خالد، بالإضافة إلى سميرة سعيد، التي تُعتبر أكثر فنانة تعاون معها عمرو مصطفى وآخر نجمة من الجيل القديم غنّت من ألحانه. ومع سميرة سعيد والشب مامي قدم عمرو مصطفى واحد من أبرز ألحانه وأكثرها جنونًا، بأغنية "يوم ورا يوم".
تحول الشخصية ودفاعه عن حقوق الفنانين
مع دخول العقد الثاني من الألفية، بدأت شخصية عمرو مصطفى تتغير لتصبح أكثر جرأة ووضوحًا في مواقفه. فقد ظهر كمدافع قوي عن حقوق الفنانين، ولاسيما الملحنين وكتاب الأغاني والموزعين الموسيقيين، مما قاده إلى خوض نزاعات وصدامات مع بعض زملائه في الوسط الفني.
هذا الموقف، على الرغم من جدليته، أكد على شخصيته الفنية الفريدة وعلى امتلاكه لمشروع فني، تطوّر حتى أصبح أكثر وضوحًا بعام 2024، حين أعلن بأنه سيسخر ألحانه لجيل الشباب، ويبدأ بالعمل على دعم المواهب الشابة.
عمرو مصطفى في الغناء
لم يقتصر إبداع عمرو مصطفى على التلحين فحسب، بل خاض أيضًا تجربة الغناء وأطلق خمسة ألبومات والعديد من الأغاني المنفردة. وفي الغناء تجلى جانب أكثر رومانسية من شخصيته الفنية، ولاسيما في البدايات، ليعكس شخصية المُلحن المُبدع الذي يعتمد على العاطفة والإحساس بإبداعه بشكل كامل، مع أغاني مثل "لمستك" و"برتاح معاك".