في الأيام الماضية جمع فريق كتّاب بيلبورد عربية ألبومات الهيب هوب المفضّلة من العام 2024 الذي شهد غزارة في إنتاج هذه الألبومات على وجه الخصوص. ولم يسعنا إلا أن نلاحظ ندرة المواهب النسائية في تلك القائمة التي شملت الألبومات تحديدًا، رغم كثافة إصداراتهنَّ المنفردة، الأمر الذي يعود دومًا إلى قلة تمثيل النساء في هذه الجنرا بشكل عام، وبالدرجة الثانية إلى صعوبة وصولهنّ إلى أدوات الإنتاج حتى حين يثبتن حضورهن في المشاهد المختلفة.
بناءً على ذلك قررنا أن نضع قائمة ثانية تشمل الإصدارات المنفردة المفضلة لدينا، والتي استمعنا إليها دون انقطاع في 2024، ووقفت خلفها مواهب نسائية واعدة ومجتهدة.
أصايل
تعتبر أصايل من الأسماء النسوية الصاعدة في مشهد الهيب هوب السعودي والمنطقة، حيث تمزج بين الأسلوب الجريء والمحتوى الشخصي العميق، مما يجعلها قريبة من جمهورها. بدأت أصايل مسيرتها الفعلية في عام 2022، عندما شاركت في مسابقة إكس بيرفورم وفازت بالجائزة بعد تقديم عرض حي مميز. قبل ذلك، كانت قد بدأت نشر إصدارات الفريستال على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، مما جذب إليها انتباه الجمهور وفتح لها أبواب الشهرة. تعدنا أغنيتها الأخيرة "أصيلة" هذا العام بتوقع المزيد من التطورات في صوتها وهويّتها الفنيّة مع الإصدارات القادمة، فيما تواصل اكتشاف أبعاد جديدة لصوتها وهويتها الفنية، لتؤكد مكانتها كلاعبة أساسية في عالم صناعة الموسيقى.
ليلى بشارة
تُعد ليلى بشارة من أبرز الأصوات النسائية الواعدة في موجة الهيب هوب الجديدة في مصر، حيث تتحدى القوالب النمطية وتبرز بصوت يعكس عمق تجاربها الشخصية بصدق وجرأة. بدأت مسيرتها بتحويل مشاعرها المعقدة إلى كلمات حادة وشعرية، كما برزت هذا العام بخطوات فنية ناضجة. في تراك "تختفي"، أظهرت حساسية عاطفية عميقة تعكس تجاربها الشخصية، مع إنتاج عصري تعاونت فيه مع Sintax وعمرو عمر. أما في تراك "فوضى" بالتعاون مع رامز نجيب، جمعت بين باراتها المتمردة والإنتاج الإيقاعي الحاد، مؤكدة قدرتها على التكيف مع أنماط موسيقية متنوعة مع الحفاظ على هويتها الفريدة.
رجا مزيان
تتصدر رجاء مزيان قائمة الأصوات النسوية البارزة في المشهد الجزائري، استطاعت أن تحوّل صوتها إلى منصة لنقل قضايا وهموم مجتمعها. منذ بداية مسيرتها، ارتبط اسمها بالأغاني الاحتجاجية التي عكست صدى الشارع الجزائري أبرزها "ألو لو سيستيم" و"توكسيك". هذا العام، أضافت رجاء فصول جديدة إلى مسيرتها مع إصدارات واعدة، في تراك "ديل"، عادت إلى استعراض مهاراتها الكتابية المتمثلة في تجسيد مشاعرها وتجاربها الشخصية، مع بارات تحمل عمقًا وصراحة، وعبر أدائها الصوتي المتقن وقدرتها على التلوين العاطفي، وفي تراك "حليمة"، اعتمدت رجاء أسلوبًا سرديًا مشحونًا بالصور والتعابير القصصية، حيث تلوّنت الأغنية بإيحاءات رآها الجمهور رسالة لوطنها الجزائر. تميزت هذه الإصدارات بهوية بصرية دقيقة ومبتكرة، حيث لعبت الكليبات دورًا محوريًا في تعزيز الرسائل وإبراز قوتها التعبيرية.
نوفا كوين
بقي اسم سايكو كوين يتردد في المشهد المغربي رغم غيابها لأكثر من أربع سنوات، خاصةً وأن بصمتها كانت قويّة وقد حصدت منذ ظهورها في 2018 ملايين المشاهدات والمتابعات. عادت هذا العام 2024 باسم جديد بعد أن أبقت على صفة الملوكية ولكنها استبدلت سايكو بـ نوفا، ما دلّ على تغيّر شخصيتها وتطور أسلوبها وهذا ما ظهر في تراك "ناسي". تعاونت للمرّة الأولى مع واحد من أبرز المنتجين في المشهد بشير الزايري، واندمجت مشاهد الكليب مع دقات الإيقاع وصوت السنث الدرامي، التي رافقت أداءها الغارق بالمشاعر الشخصية. كما قدمت إصدارين جديدين هما "لغانا" و"غرامي"، لتؤكد أن هذه العودة هي افتتاحية جديدة زاخرة بالانتاجات التي تدفع باب المشهد المغربي للأصوات النسائية.
فريزي
تدخل فريزي في قائمة الأسماء القوية الصاعدة في مشهد الهيب هوب المغربي، تتميز بدمج أسلوب الأولد سكول مع الموجة الجديدة، كما تعتمد على بارات تبجُّحية في أسلوبها الكتابي. شهدت مسيرتها هذا العام غزارة بالانتاجية حيث قدمت عدد من الإصدارات المنفردة مثل "بلاكا" و"BIMBOIZM"، تعاونت فيها مع أسماء بارزة في الساحة. كما أطلقت ٢٠٢٤ تراك "بوبليك ديالي"، التي عادت بها إلى أسلوب الأولد سكول في بارات تبجحية من أسلوبها بالكتابة. أعطاها المنتج ستريز رصة درامز متقنة ناسبت تدفقها المرن مع الإعتماد على تقنية القوافي الصوتية. تعاونت فريزي مع سكبلاين على إخراج كليب غني بالمؤثرات البصرية، تابعت خلاله تقديم هويّة فنيّة مميزة من الأزياء إلى طريقة أدائها الواثقة أمام الكاميرا.
إف.بي.كي
قدمت فاتن بن خالد المعروفة باسم F.B.K. تجربة ملهمة في عالم الهيب هوب التونسي منذ بدايتها في 2018، وحققت إصداراتها نقلة نوعية في المشهد خاصة "كعّابي" و"غيوم الحياة، تابعت بعدها الاهتمام بهويتها البصرية وأسلوبها وكانت الكتابة القاسية والصارمة كانت أكثر ما ميّز صوتها. خرجت هذا العام عن نمطها المعتاد في إصدارها الجديد "وينك وين"، وقدمت أسلوبًا مختلفًا حيث كشفت عن طبقات غنائية بصوتها دمجتها بمهارة مع أسلوب الأولدسكول التقليدي الذي تتميز به. حمل البيت تأثيرات من التراب الشعبي القادم من مصر، والذي انتشر مؤخرًا في استوديوهات المنتجين في تونس. كما قدمت هذا العام مجموعة إصدارات كشفت عن نضج تجربتها مثل "عالم الراي" و"طرونكيلااا".
لآي
تقف لآي تقف عند نقطة التقاء فريدة تجمع بين الهيب هوب البوب والموسيقى إلكترونية، لتقدم صوتًا يصعب تكراره في المشهد اللبناني. نجاحها في المزج بين هذه الأنماط ظهر بوضوح في أعمال مثل "شبح" بالتعاون مع الوايلي و"عارف حالك مين" مع مولوتوف، حيث وضعت بصمتها الخاصة على الإلكترو شعبي، مستعرضة قدرتها على إعادة تشكيل الأنماط الموسيقية بما يخدم رؤيتها الفنية. أطلقت هذا العام "سكّين"، بالأسلوب ذاته الذي غالبًا ما تمزج فيه بين عناصر البوب والموسيقى الإلكترونية والتجريبية لإنشاء صوت فريد يتحدى سهولة تصنيفه. تعتبر "سكين" أول تعاون لها مع المنتج نادر خليل، والذي طبع بصمته المعروفة بصوت سنث غليظ في الخلفية، مع بيت اعتمد على ضربات مفخمة. ظهرت لآي في كليب من إخراجها اعتمدت لوحة ألوانه على اللونين الأسود والأحمر، عامًا أنها قدمت منذ بداية مسيرتها أسلوبًا بصريًا جريئًا واتبعت نهجًا خاصًا في أزيائها.
ماكي مكوك
بعد ثلاث سنوات انقطاع عن الإصدارات عادت ماكي مكوك عالخط مع تراك "عصفور"، الذي كتبت كلماته وأنتجت موسيقاه بنفسها. مقارنةً بموسيقاها السابقة بدا التراك أكثر قتامة من المعتاد، وجاء أداؤها هادئًا مليئًا بالشجن على إنتاج موسيقي تقليلي.
منذ بداياتها قدّمت ماكي مكوك إصدارات مقلّة ومتباعدة، لكنها حملت بصمتها الخاصة الحيوية والإنسيابية كما في "طرطقة" و"جزيرة الكنز". استطاعت عبر السنوات ترسيخ اسمها في السين في الداخل الفلسطيني، الذي بقيت تنشط فيه بشكل مستقل ومنفرد، مقدمةً في كل حين أداءات حية وحفلات سواء في المنطقة أو خارجها، خاصة فيما يلي وصلتها ضمن بويلر روم فلسطين قبل ست سنوات.
دارين
لم تحتج دارين أكثر إصدارين وحيدين طوال هذا العام لتجذب انتباهنا إلى فلوهاتها النارية وأسلوب كتابتها. تميزت بشكل خاص في تراك "المحفظة" التي ترسم فيه مشاهد متكاملة، وترسل بانسيابية رسائلها حول الاستقلالية المادية للنساء، وإصرارها على التمسك بمسيرتها مع تكرارها: "في كارير في نظام". تعاونت في الإنتاج الموسيقي مع ستريز وريفدور من مشهد الراب المغاربي، ليمنحاها إنتاجًا جذابًا ببساطته يفسح لها المجال لاستعراض الدلفلري المميز الذي تقدّمه الذي يدفع كل مرة لإعادة الاستماع للتراك من البداية. تكرر تعاونها مع ستريز في تراك "بيبي" الذي أخذ منعطفًا أكثر عاطفية من التراك الذي سبقه لكنه احتفظ بقاموس المفردات الغزير والمتنوع الذي تتفرد دارين بصياغته.
للا فضة
بات اسم للا فضة أكثر رسوخًا في السين المصري مع مرور الأعوام، وأعمالها أكثر شعبيةً وانتشارًا. بدأت خلال العام 2024 بتقديم إصدارات منفردو من المتوقع ان تكون جزءً من ألبومها القادم "مجنون" الذي ستكتمل إصداراته مع مرور الوقت. سمعنا منها تراكات "مش عايزاك" و"حب بس إيه" و"قطع" بالاشتراك مع أبيوسف والتي حققت أعلى أرقام استماع بين هذه الإصدارات، وتميزت بشكل خاص مع التناغم الشديد في الأداء بين الطرفين.
مع ذلك يبقى أبرز أداء من للا فضة هذا العام في تراك "فكك مني" من إنتاج أبيوسف، على بيت جيرزي جذاب ومتسارع بشكل ناري يجعل من الأغنية بانجر يعلق في الرأس مباشرةً، فيما تتلو هي باراتها بقمة الاسترخاء.