انضمَّ ضبور في سن التاسعة عشر ومنذ خطواته الأولى إلى تسجيلات بلاتنم، الذين أطلقوا على نفسهم منذ البداية سلوجان "عيلة فش أب"، في إشارة إلى تقاربهم وتساوي أدوارهم في هذه الدائرة. وقد جاء اجتماع ضبور بهم منطقيًا منذ البداية، وقد اشترك مع عدة رابرز من بلاتنم مثل شب جديد وفوزي ورياضيات ورعد وغيرهم، بالبيئة والخلفية ذاتها، والتوجه الفني العام ذي الأبعاد السياسية والاجتماعية، إلى جانب اتفاقهم على أن المنتج الموسيقي الرسمي لبلاتنم، أي الناظر، هو عرّاب الرؤية الموسيقيى التي بوسعها تقديمهم على أفضل وجه. لكن تكامل حضور ضبور مع هذه العائلة تأكد أكثر مع مرور الوقت وتشكل بيرسونا الرابر بشكل سريع للغاية، لتتجاوز نجاح فكرة الترند مشكلةً إلى ملامح واضحة تسير في رحلة من التطور.
تجربة ضبور الأولى مع "لتر بلاك"
في سبتمبر/ أيلول 2020، أصدر شاب في الثامنة عشر من عمره تراك بعنوان "لتر بلاك"، متشجعًا بتأثره بأسلوب شب جديد بألبوم "سندباد الورد". إصداره الأول جاء محمّلًا بلغة غاضبة، عبرت عن حالة صدام عنيفة، تليق بمواطن مقدسي يتعرض يوميًا لمضايقات الشرطة، وتعرض للاعتقال سابقًا من سلطات الاحتلال. بالإضافة إلى الحالة الغاضبة، امتاز التراك القصير بلغة وصفية بنى سرديتها على صور بصرية متتابعة تخلق الحالة وترسم المشهد، دون إغفال التبجح الفردي مع مزجه بالحالة العامة الجماعية الثائرة. ترافق ذلك مع إيقاع سريع، وصوت مميز لا يخلو من طبقة صوت حادة ويافعة بنفس الوقت. مزيج مميز حملته التجربة ووصل عبر أصدقاء الأصدقاء للرابر الرئيسي ضمن شركة تسجيلات بلاتنم شب جديد، ليتواصل معه لتعاونات قادمة ضمن خطتهم.
"إن أن" وانطلاقة ضبور الحقيقية
بعيدًا عن أن تراك "إن أن" أصبح من التراكات الأيقونية الحديثة المرتبطة بمفهوم المقاومة، مع صدوره بمحض الصدفة بتوقيت تزامن مع أحداث الشيخ جراح في فلسطين في 2021، لكن التراك قدم ضبور رسميًا للجمهور وشكل انطلاقته عبر التعاون الأول له تحت عباءة بلاتنم مع الشب جديد وبإنتاج الناظر.
صعد التراك حينها كالنار في الهشيم وبات من أبرز تراكات الدريل التي قُدمت في أي مشهد في تلك المرحلة. وبشكل سريع فرض ضبور حضوره مع بلاتنم وبرهن أن لديه الكثير ليضيفه إلى تجربتهم الفنية، وقد حققت الأغنية أعلى نسبة استماع سجّلتها الشركة في تاريخ نشاطها الممتدة لسبع سنوات مع ما يقترب من 90 مليون مشاهدة على يوتيوب حتى اليوم.
تغلب على تعابير ضبور في هذا التراك صيغة الجمع في الحديث: "تجيني يا غالي بناخد العتبة/ تخاف بالليل نضويلك عتمة"، حيث لا يتناسى الروح الجماعية للمكان الذي يأتي منه والتي يجب أن تأخد مساحتها من سرديته. كما لا يتردد في خلق ملامح شخصيته الفنية الخاصة، باستعمال تعابير تخصّه، مثل اختراعه لتوصيف "دكان الجدعنة" الذي يضع تحته كل من يمكن أن يثق بهم ويكونوا من صُحبته. كما يردد "بلجان بلجان"، العبارة التي يحفظها ويرددها أبناء القدس من العبرية في الإشارة إلى "الطوشة" أو الاشتباك.
تبع "إن أن" صدور تراك"الشيخ جراح"، والذي حمل نفس الطابع ونفس الغضب، ويحافظ فيها ضبور على سوية الأداء ذاتها، مع شيء من الحزن هذه المرة: "في صوت رصاص زغرد في الشيخ جراح / في أندال كتير نفتحش أسرار / كتسار غرد بإيد حج/ بتويوتا كورولا قلبنا في غار/ كقطار وخطفنا مطار".
لمسة من اللغة اليومية للشارع
وبشكل مباشرة، مقصود أو غير مقصود، تترك البيئة التي خرج منها ضبور بصمتها على اللغة المستعملة في إصداراته، سواء في ألبومه القصير للغاية المكون من أغنيتين "الجدعنة"، أو بالألبوم المشترك مع رمضان وشب جديد بعنوان "رعد"، أو حتى باصداراته الأخرى مثل "ودع".
في تراك "دولاب" والذي أنتجه موسيقيًا شيف، مسمبلًا بشكل كامل تراك"آخر أغنية" لكايروكي، نجد التعبيرات البسيطة لغويًا والشبيهة الدندنة والغناء الشعبي والشعر الحر في "انا شمس الغد/ والسيف والوعد/ مش حأغنّي نكد لأنه الي فيكم مكفيكم صح ولّا لا"، أو "الدنيا دولاب / بتضل تلف تلف تلف تلف".
ظهر بعدها ضبور في الألبوم القصير "رعد" الذي جمعه برمضان وشب جديد من إنتاج الناظر. وفي تراك "رمضان" تحديدًا من الألبوم، نسمعه في عبارات مثل: "ضلنا نقالب بنص ورشات / في من صحابي كوكب كبسات / زميلي رمضان وعدله قلبات / لتحسن جوّك أربع حبات / أربع حبات وسبعة بزاف/ بوقع بقوم وغابوا الحباب". كما نسمعه بعفوية يستعمل تعابير من اللهجات التونسية والمغربية مثل "برشا" و"بزاف"، خاصة كونه عبر سابقًا عن إعجابه بتجارب رابرز مختلفين من المغرب العربي.
ومع نهاية 2024 أصدر ضبور وفوزي تراك "تبّا" ليختما به عام 2024، من إنتاج الناظر، الذي استخدم صوت سنث تشاؤمي خلق أجواء تتماشى مع كلمات الأغنية التي تناولت صعوبة الوضع والحياة اليومية القاسية. استمدت البارات قوتها من هذه الثيمة، بينما ظهر الكليب بالأبيض والأسود ليعزز الطابع الحزين والواقعي للعمل.