تعرف أعضاء كايروكي على بعضهم في مرحلة الدراسة، وجمعتهم قواسم مشتركة أهمها الذوق الموسيقي، وميلهم إلى الموسيقى الغربية على حساب المحلية في ذاك الوقت. فتحت هذه القواسم الباب على فكرة تأسيس فرقة، اختاروا في البداية أن يكون اسمها بلاك ستارز، لكنهم غيروه إلى كايروكي لاحقًا. تميزت الفرقة بتقديم أغانيها الخاصة وكتابتها باللغة العربية، ما جعلها مختلفة عن باقي الفرق الطلابية التي اتبعت الأسلوب الغربي، وغالبًا ما انحلت بعد التخرج أو الانخراط في سوق العمل. أما كايروكي فسمحوا للأحداث والواقع المحيط بهم أن يؤثر في تجربتهم الموسيقية وسمحوا لأنفسهم بالتطور بالتزامن مع تغير معطيات الحياة، حتى باتوا اليوم يقفون في صدارة المشهد الموسيقي البديل وإن تداخلت الجنرات التي يقدموها وعبروا إلى البوب في بعض التجارب. كما تنفرد كايروكي بين الفرق القليلة بل والوحيدة التي تشكلت بعد بداية الألفية الجديدة واستمر نشاطها الجماعي ليصل إلى عقدين.
المرحلة الأولى: البحث عن الهوية
سجلت فرقة كايروكي أول إصدار يعدي الصيف عام ٢٠٠٥، تلاها غريب في بلاد غريبة التي أعيد تقديمها بنسخة مختلفة. دخلت الفرقة في هذه الفترة برحلة البحث عن هويتها، فقدمت أغاني بموضوعات مختلفة عن السائد، ومزجت موسيقاها بالجنرات الغربية مع انحياز واضح للروك والكانتري. أصدرت الفرقة ألبومها الأول كايروكي ٢٠٠٩، وحمل غلافه عملًا فنيًا مختلفًا عما هو سائد في الألبومات العربية. ظهرت صور أعضاء الفرقة في ست مربعات، بينما توسطهم المغني الرئيسي أمير عيد وهو يصرخ بطريقة لا تتلاءم مع موضوعات الأغاني المتواضعة، وإن تخللها بعض اللحظات الإبداعية التي بشّرت بمستقبل الفرقة. جاء صوت كايروكي مشتتًا يبحث عن هوية خاصة وقضية تستحق الغناء. يميل للتعبير عن هموم الناس في أغاني مثل لحمة، أو لقضايا ذات نزعة قومية عربية في عسكري التي وصفت مشهدًا من المأساة الفلسطينية.
المرحلة الثانية: صوت الحرية
تأثرت فرقة كايروكي بموجة التغيير عام ٢٠١١، حيث فتح المناخ الثقافي والسياسي العام باب التمرد على ما كان سائدًا قبل عصر الثورة. منحت هذه الفترة فرصة للموسيقى البديلة بالظهور إلى جانب الجنرات الشعبية المهمشة مثل المهرجانات. ظهرت منصات داعمة للترويج للفرق البديلة، منها برنامج البرنامج لباسم يوسف الذي استضاف في كل حلقة فنان أو فرقة جديدة.
تعتبر كايروكي واحدة من أكثر الفرق إثارة وشعبية في هذه المرحلة، خاصة وأنها كانت من الفرق السبّاقة للغناء عن الثورة. عاشت انطلاقة جديدة بإصدارات مثل ساكتين ساكتين، كما تعتبر صوت الحرية من أهمها بعد أن أطلقت من ميدان التحرير، ووضعت الفرقة في مرتبة عالية جدًا. هكذا أصبح صوت كايروكي هو صوت الحرية، وصار للفرقة هوية موسيقية واضحة. أصدرت بعدها ألبوم مع نفسي قاعد، وأتبعته بـ مطلوب زعيم و السكة شمال، واللافت أنها لم تتقيد فيها بموضوعات الثورة بل تداخل إحساس الأغاني العام وتشابه مع أغنيات ألبومهم الأول.
المرحلة الثالثة: التصالح مع الموسيقى الشرقية
لم ينعكس تبني صوت الثورة الشعبية على أسلوب كايروكي الموسيقي، بل استمرت قطيعة الفرقة للموسيقى الشرقية، حيث استلهمت من غضب الروك للتعبير عن المشاعر الثورية. لكن سرعان ما بدأت النغمات الشرقية بالتسلل إلى أعمال كايروكي بعد تعاونات مع فنانين آخرين، وجدوا معهم نقطة تلاقي بتقديم موضوعات مرتبطة بالثورة.
جاء التعاون الأول مع عايدة الأيوبي في يا الميدان، أضافت خلالها نغمة شرقية محدودة النطاق بصوت عودها. ما فتح الباب للتجريب في التوزيع الموسيقي في ألبوم ناس وناس سنة ٢٠١٥، حيث اعتمدت الفرقة على مزيج وتريات عابر للثقافات. برز تناغم العود مع الجيتار في الأغنية الرئيسية بشكل خاص، وتشابهت هذه التوليفة مع أجمل ما عندي بالاشتراك مع سعاد ماسي.
لم تقف كايروكي في المكان الوسطي بين الموسيقى الشرقية والغربية، بل خاضت تجارب أكثر إثارة وجرأة مثل تعاونها مع المطرب الشعبي عبد الباسط حمودة. اختبرت في هذه التجربة جماليات الموسيقى الشعبية، وعادت إليها في ألبوم نقطة بيضا سنة ٢٠١٧، وهو واحد من الألبومات المفصلية في مسيرتهم. تضمن الألبوم أبرز إصداراتها الشعبية مثل الكيف مع طارق الشيخ والسكة شمال في شمال، كما حمل آخر أغانيها الثورية آخر أغنية.
المرحلة الرابعة: صوت النضج والنوستالجيا
طرأ تغيّر واضح على هوية كايروكي في ألبوم أبناء البطة السوداء عام ٢٠١٩، حيث تبدل الصوت الغاضب والثائر بصوت قاتم وأكثر سوداوية. اختزلت كان لك معايا نضج الفرقة الموسيقي، وقد حضر فيها سامبل من تراك لأم كلثوم، مزج بين النوستالجيا والتشاؤم من الماضي والحاضر. أصدرت بعدها ألبوم روما عام ٢٠٢٢، وقد عززت فيه نوستالجيا العودة إلى ذكريات المراهقة والطفولة. سيطرت عليه الأغاني العاطفية، حيث تأخذنا روبيرتو في رحلة إلى غرفة أمير عيد وجدرانها المليئة ببوسترات النجوم العالميين المفضلين لديه. نقل هذا الألبوم المشاعر وذكريات الطفولة والمراهقة بأسلوب لم تتمكن كايروكي من اتقانه بداية مسيرتها، ليعكس الألبوم الأخير التطور المذهل الذي مرّت به الفرقة.