ولدت ابتسام لطفي واسمها الحقيقي خيرية قربان عبد الهادي، في مدينة الطائف بالسعودية سنة 1951، تعلمت خلال فترة طفولتها التجويد والتلاوة ما أكسب صوتها خاصية صلبة ورخيمة. أحبت الغناء واستمرت فيه حتى بعد أن فقدت بصرها بسبب مرض مزمن. خلال سنوات المراهقة غنت في المجالس النسائية واستعادت أغاني لأم كلثوم وشادية، و شاركت بصوتها في الأفراح والمناسبات بأغاني فلكلورية من التراث الحجازي، قبل أن تبدأ مسيرتها الخاصة وتتعاون مع فنانين بارزين من روّاد الأغنية السعودية. نتتبع في هذا المقال مسيرة ابتسام لطفي عبر خمس محطات صقلت صوتها مسيرتها الفنيّة.
عبير
سنة 1968، كانت ابتسام لطفي من أولى الأصوات النسوية التي غنت على الإذاعة السعودية، وقد كانت أمنيتها موجهةً للملك فيصل الذي طلب لقائها بعد أن وصله أخبار عن قوّة وعذوبة صوتها. تقول المصادر أن أول أغنية قدمتها على الإذاعة هي قصيدة "عبير" من كلمات الشاعر أحمد قنديل وألحان الموسيقار الراحل عمر كدرس. كما قدمت أغنية "نام القمر بدري" من كلمات وألحان هذا الثنائي، لتكشف عن موهبة واعدة في عالم الموسيقى العربية.
فات الأوان
سافرت خيرية إلى مدينة جدة مع نهاية الستينيات، وهناك التقت للمرّة الأولى بالموسيقار طلال مداح في منزله، وبحسب تصريحاتها فهو من أطلق عليها ابتسام لطفي مبررًا "لعل الزمن يبتسم لك". صرّحت ابتسام دائمًا عن تقديرها الكبير للدعم الذي تلقته من طلال مداح "هذا مو بس أستاذي هذا أخي وزميلي وصديقي والفنان الذي أعشق صوته". أطلقت وقتها أغنية "فات الأوان" على اسطوانة خاصة بها، لتكون التعاون الأول والوحيد مع طلال مداح من كلمات الشاعر لطفي زيني.
النجوى الهامسة
أحبت ابتسام الغناء بالعربية الفصحى وكانت علاقتها بالشعر قويّة ونابعة من ألم وحب اللغة. تعاملت مع روّاد الأغنية السعودية وأبرز كتابها وشعرائها، وعلى رأسهم الأديب طاهر زمخشري الذي اعتبرته رفيق دربها، وقدّما سويّة عددًا من القصائد المغناة وأشهرها قصيدة "النجوى الهامسة". إلى جانب الغناء، كانت ابتسام عازفة عود، وتقول المعلومات أن هذه القصيدة من ألحانها تحت الاسم المستعار أبو عماد. كما قدمت مع طاهر عددًا من الأغاني مثل "جسر الصبر" و"لو تسألوني"، وذكرت أنه من عرفها على الشاعر أحمد رامي والذي تعاونت معه لاحقًا.
الوداع
في واحدة من مقابلاتها، تحدّثت ابتسام عن عمل جمعها مع الموسيقار رياض السنباطي في منتصف السبعينيات، وتروي أن مدير التلفزيون المصري قد أعجب بصوتها وطلب من السنباطي أن يلحن لها أغنية من كلمات الشاعر أحمد رامي. لكن الأخير طلب مبلغًا كبيرًا وكان متخوّفًا أن لا يكون صوت ابتسام على مستوى اللحن، ووضع شرطًا أنه إذا لم يعجب بصوتها في البروفة سيقوم بإلغاء العمل. تحكي ابتسام أنها تعاملت ببرودة مع هذا الموقف الصعب، لكن بعد أن قدمت الأغنية وسمع صوتها للمرّة الأولى، اعتذر منها وطلب السماح لأنه ظلمها وقدم لها اللحن هدية وتنازل عن المبلغ المالي.
جاني جواب
أحبت ابتسام الأغاني الفلكلورية والشعبية إلى جانب عشقها للقصائد، وخصت الأغنية الحجازية والأنماط التقليدية مثل الخبيتي وفن الدانة باستعادة عدد من الأغاني مثل "لا لا يا خيزرانة" و"سافروا ما ودعوا". كما تعاملت مع الملحن فوزي محسن في تقديم عدد من الأغاني ذات النمط الشعبي مثل "جاني جواب" من كلمات صالح جلال.
اعتزلت ابتسام لطفي الغناء سنة 1988، وعزت السبب إلى وفاة والدتها التي كانت داعمتها الأولى طوال مسيرتها، لكنها سنة 2013 وبعد حوالي 25 عام من الغياب، عادت إلى الساحة الفنيّة بعد أن أقنعها ابن زوجة أخوها بأن تنشئ حسابًا على موقع تويتر وتفاجأت بكمية الرسائل والتغريدات التي تذكرتها وطالبت بعودتها. ظهرت بعدها في سهرة غنائية مع إذاعة صوت الخليج، بالإضافة إلى مقابلة خاصة على قناة روتانا خليجية، لكنها كانت فقط عودة خجولة اختفت بعدها ابتسام وعادت إلى اعتزالها.