تشبيه الأشخاص بالقمر هو تشبيه رائج للدلالة على جمال الشخص. وهذا ما قصده الموسيقار الراحل ملحم بركات في أغنيته التي يروي قصتها ويقول إنها تعود للتسعينيات عندما كان لديه جدول حفلات في فندق بالعاصمة السورية دمشق. التقى حينها بامرأة جميلة جدًا كانت تقيم في غرفة مجاورة له.
أعجب "أبو مجد" بجمال السيدة وحاول التودد لها للتعرف عليها لكنها تجاهلت جميع محاولته وحتى تحية الصباح لم يلقَ منها أي رد. عندما سأل عنها، عرف أنها تقيم في الفندق وتجلس في الحفلات على طاولة أحد المسؤولين السياسيين، ونُصح بألا يتعرض لها.
الموسيقار في حكايته يصف ظهور القمر في دمشق بأنه الأجمل من بين كل المدن التي زارها في العالم وتحديدًا من إطلالة الفندق حيث كان يقيم حفلاته. كان يشير إليه دومًا لافتًا الجمهور إلى منظره الخلاب قائلًا: انظروا إلى جمال جاركم.
وفي إحدى ليالي الخميس المزدحمة حضر الحفل الشاعر شفيق المغربي الذي جلس مع الفرقة الموسيقية وقال له محلم أن ينتبه للقمر عند ظهوره كم سيكون جميلاً!
وفعلاً حانت اللحظة وأطل القمر بضيائه بين النجوم مشكلاً لوحة فنية في السماء. هنا سأل ملحم الشاعر عن رأيه بجمال القمر فأجابه الشاعر: أي قمر؟ انظر إلى ذلك القمر، قاصدًا المرأة نفسها التي حاول ملحم التعرف عليها سابقًا.
انتهت السهرة وجاء شفيق إلى الموسيقار مرددًا له كلمات أصبحت واحدة من أشهر الأغنيات: "على بابي واقف قمرين واحد بالسما/ والتاني أغلى من العين بيفهم بالوما". أعجب ملحم بالكلمات التي أطربت مسامعه وأصر على غنائها، وبالفعل لم يستغرق الأمر سوى أيام قليلة حتى نسج الموسيقار لحنًا لا يزال صداه حتى يومنا هذا.
الأغنية أصبحت جاهزة، ليتكرر المشهد نفسه، في ذات المكان، حيث الجماهير تنتظر والسيدة المقصودة تجلس على طاولة المسؤول. وعندما اكتملت اللوحة ببزوغ القمر أعلن ملحم بركات عن أغنيته الجديدة وبدأ الغناء مشيرًا إلى قمر السماء وإلى المرأة التي ولدت لأجلها الأغنية.
انتهت الحفلة وصمت صوت الموسيقى، لكن الأغنية ظلت تتردد في صوت داخلي عند المرأة التي لم يعرف اسمها أبدًا، فتوجهت إلى ملحم وسألته: لمن هذه الأغنية؟ فاعترف لها بصراحته وعفويته: "لكِ أنت".
ظلت المرأة في الفندق لمدة شهر تقريبًا تحضر حفلات ملحم بركات مستمعة لكلمات تقصدها وتتغنى بجمالها، وتحولت الأغنية إلى تحفة موسيقية خالدة.
ظهرت القصة للمرة الأولى عبر الشرق بودكاست.