ترى نوال الزغبي أن إنتاج فيديوهات ضخمة لترويج الأغاني الجديدة أصبح إهدارًا للمال، أو "كب مصاري عالفاضي". تصريح النجمة الذهبية في حديث لـ ET بالعربي دفعنا للتدقيق في مدى أهمية الصورة البصرية في الأغنية العربية الحديثة لنجد أن نوال معها بعض الحق بالفعل، ولكن فقط عندما يتعلق الأمر بجنرا البوب.
لنأخذ تامر عاشور كمثال. وصل النجم لصدارة قائمة 100 فنان لبيلبورد عربية متقدمًا على أسماء بحجم عمرو دياب وشيرين عبدالوهاب دون أن ينتج فيديو كليب واحد لألبومه الأخير "ياه". الوضع نفسه ينطبق على ألبوم عمرو دياب الأخير "مكانك" وألبوم "حبيبنا" لأحمد سعد.
كما تألقت العديد من الأغاني على قوائم بيلبورد عربية دون الحاجة إلى كليبات، من بينها "كلام عينيه" و"حبه جنة" لشيرين، بينما صاحب أبرز هيتات 2024 مثل "هيجيلي موجوع" لتامر عاشور و"لمّاح" لعايض فيديوهات تعرض الكلمات فقط.
هذه الأمثلة تعني أن إنتاج كليبات باهظة التكلفة لم يعد عاملًا رئيسيًا لنجاح أغاني أو ألبومات البوب كما كان الحال في التسعينيات والعقد الأول من الألفية الجديدة، أو العصر الذهبي للفيديو كليب. وقتها تحولت القنوات الفضائية إلى نافذة أساسية لانتشار الأغاني، والمشاهدة كانت بالضرورة جزءً لا يتجزأ من عملية الاستماع. كانت فرص نجاح أي أغنية أو ألبوم بدون فيديو كليب مبهر ضئيلة.
كل هذا تغير مع سطوع نجم منصات السوشال ميديا مثل اليوتيوب وظهور منصات الاستماع مثل سبوتفاي وأنغامي وآبل ميوزك. من بين كل هذه الوسائل، نجد أن يوتيوب هو منصة الفيديو الوحيدة. حتى هناك، شهدنا أهمية متزايدة لفيديوهات الكلمات (Lyrics Videos)، لاسيما مع انتشار موسيقى الإندي العربي التي كانت أول من استخدمها قبل أن تنتقل إلى البوب أيضاً.
"أبسط وأقل تكلفة"
دفعت هذه التطورات نجوم البوب إلى استخدام عناصر بديلة لترويج الأغاني والألبومات، مثل جلسات التصوير الفوتوغرافي الخاصة، أو فيديوهات قصيرة تتكرر مع الأغنية (Visuals) كما تابعنا مع صدور ألبوم "لحقت نفسي" لأصالة أو ألبوم "تيجي نسيب" لأنغام.
أصبحت الصورة البصرية أبسط، وأقل تكلفةً طبعًا.
هذا لا يعني أن الكليبات الضخمة قد اختفت تمامًا أو أنها لا تتمتع بأي شعبية. كما لا يعني أيضًا أن بعض ما ينتج منها حاليًا لا تحظى بقبول واسع. رافق أغنية "من نظرة" لنانسي عجرم بفيديو كليب تميز بروح طريفة عزز من شعبيتها في 2024، في حين تحقق و"يا ليالي" لأحمد سعد وروبي الصادرة في صيف 2023 نجاحًا مستمرًا على هوت 100 حتى الآن. الشامي، النجم الشاب الأبرز في 2024، وصل إلى صدارة قائمة هوت 100 بثلاث أغنيات مصورة، وإن كنا نعتقد أن نجاح الشامي تحديدًا كان أمراً حتمياُ مع الفيديو كليب أو دونه.
الكليبات في الجنرات الموسيقية الأخرى
ولكن في حين تراجعت أهمية الكليبات في جنرا البوب، شهدت مشاهد الإندي والهيب هوب تطورًا بصريًا لافتًا يلعب فيه الفيديو الموسيقي دورًا هامًا حتى الآن مع أسماء مثال إليانا وعفروتو ومروان بابلو وغيرهم. ففي العام الماضي، حظيت أغنية إليانا "جنني" باستقبال هادئ في البداية قبل أن تنفجر شعبيتها مع فيديو كليب تمتع برؤية بصرية مميزة. الأمر نفسه ينطبق على أغنية عفروتو "كبدة".
كان نجاح بعض الفيديوهات لافتًا لدرجة أدت إلى ازدهار محتوى جماهيري خاص لشرح الجوانب الإبداعية لكل كليب، وهو ما حدث مع أغنيتي "المبدأ" و"ديجا فو" لمروان بابلو و "أصلي أنا" لزين و"صنع في المغرب" لدادا و"حبيبي ليه" لـ توو ليت.
كل هذا يعني أن نجوم الهيب هوب والإندي اليوم لا يرون المشهد بنفس عيون نوال الزغبي وغيرها من صناع مشهد البوب العربي. للتجربة البصرية عندهم أهمية لا تقل كثيراً عن التجربة الموسيقية، وهو ما نعرفه أيضاً من حواراتنا المستمرة معهم، حيث نسمع مرة تلو الأخرى كيف أن التخطيط للتصور البصري أو الفيديو يبدأ مع الإعداد للعمل الموسيقي نفسه.