في عالم الفن السعودي الذي ينبض بالأصالة والتراث، يبرز سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد آل سعود كرمزٍ للنبل والإبداع. تميزت شخصيته الفنية بطابعها الودود والقوي معًا، وله بصمة واضحة في مجالات الإدارة والرياضة كما الأدب والشعر، فقد كان رئيسًا لنادي الهلال السعودي من عام 2008 وحتى عام 2015، وحقق نجاحًا كبيرًا في الإدارة والرياضة يوازي نجاحه بالشعر والموسيقى.
شعره هو مرآة لروحه النبيلة، ففي قصائده نسمع لغة صادقة تعبر عن حب الوطن وتقدير التقاليد، وفي نفس الوقت تحمل رؤية معاصرة تبعث على الأمل والتجديد؛ فهو يمزج بين الأصالة والحداثة، مستلهمًا من تاريخ العرب العريق، ومعبرًا عن القيم الإنسانية السامية التي تشكل جوهر حضارتنا.
يعتمد في قصائده على لغة رصينة تعبّر عن مواقف إنسانية سامية، وتُعيد صياغة القصائد العربية لتكون جسرًا يصل بين الماضي المجيد والحاضر المشرق. وقد كتب الأمير عبد الرحمن بن مساعد الشعر منذ أن كان صغيرًا، وتعاون مع العديد من نجوم الطرب في الخليج والعالم العربي لتقديم أشعاره الغنائية، فضلًا عن نشره ديوان يجمع أبرز قصائده.
ما بين الشعر والموسيقى
يتمتع عبد الرحمن بن مساعد آل سعود بموهبة خاصة في عالم الموسيقى، موهبة استترت لوقت طويل خلف اسم مستعار. وفي مقابلته مع الإعلامي مالك المكتبي في بودكاست "احكي مالك"، كشف الأمير عن أن موهبته بالموسيقى سبقت موهبته بالشعر، حيث بدأ يعزف ويلحن منذ صغره.
كان عبد الرحمن بن مساعد يوقع على قصائده باسمه، ويوقع على ألحانه بالاسم المستعار "صادق الشاعر"، لتبقى الهويات الإبداعية منفصلة ويبقى الغموض محيطًا بكواليس العمل الفني. استمر ذلك إلى حين أن قام الفنان محمد عبده بالإشارة إلى أن وراء اسم صادق الشاعر يكمن نفس الشاعر، الأمير عبد الرحمن بن مساعد؛ الذي أكّد الأمر لاحقًا.
وقد أشار خلال بودكاست "احكي مالك" إلى السبب، متمثلًا بالفوارق التي أشار إليها في تقبّل المجتمعات المحافظة في المنطقة للشعر أكثر من الموسيقى. وبالرغم من تلك الفجوة الزمنية التي شهدت الكشف عن هويته كملحن، إلا أنه لا يزال مستمرًا في هذا الأسلوب الفني، فلا يزال يمضي ألحانه تحت اسم صادق الشاعر.
أثر عبادي الجوهر في رحلته
في العديد من المناسبات، أشار عبد الرحمن بن مساعد آل سعود إلى فضل عبادي الجوهر ودوره الكبير في مسيرته، وخاصةً في بداياته الفنية. التعاون بين الثنائي جاء في مرحلة مهمة من مسيرة عبادي الجوهر، حين عاد للفن بعد فترة من التوقف.
نتج عن هذا التعاون إنتاج 21 أغنية، لحنها عبادي بنفسه، وكانت بمثابة جسر قوي تعرف الجمهور من خلاله على هوية الأمير كشاعر. حققت العديد من الأغاني التي تعاون بها الثنائي نجاحًا كبيرًا، وأبرزها أغنية "عيونك" و"يسعد صباحك" و"سبعة أرقام وجفا"، بالإضافة إلى الأغنية الوطنية "هنا السعودية".
ومع عبادي الجوهر تم تقديم أقدم قصائد عبد الرحمن بن مساعد، وهي "قالوا ترى"، التي كتبها حين كان في الرابعة عشر من عمره.
الشراكة مع محمد عبده
الشراكة الفنية التي تربط بين عبد الرحمن بن مساعد بمحمد عبده هي الأكثر تأثيرًا في مسيرته، وذلك لا يتعلق بدور فنان العرب بالكشف عن هويته الموسيقية المستترة وراء اسم صادق الشاعر، بل بكونه ساهم بالكشف عن موهبته بالموسيقى فعلًا.
فعلى خلاف تجربته مع عبادي الجوهر، لم يقتصر دور عبد الرحمن بن مساعد بتعاونه مع محمد عبده على كتابة الشعر، بل تعدت ذلك إلى التلحين أيضًا، ليظهر في أول تعاوناتهما اسمه المستعار صادق الشاعر، ويُقدم مع محمد عبده باقة من أجمل الأغاني التي كتبها ولحّنها. ومن بين أشهر الأغاني التي تعاون بها الثنائي "مذهلة" و"شبيه الريح".
تعاونات بارزة مع النجوم العرب
يُعتبر عبد الرحمن بن مساعد آل سعود مُقلًا في تعاوناته، فكان دائمًا ما يميل لتكوين شراكات فنية طويلة مع أسماء محددة في الخليج والعالم العربي. وتعتبر أنغام أولى النجمات العرب من المتعاونين مع عبد الرحمن بن مساعد، وظل التعاون بينهما مُستمرًا حتى ألبومها الخليجي الأخير، لتُقدم من كلماته وألحانه أغنية "طاولة".
ومن الشراكات الفنية الطويلة والمهمة في مسيرة عبد الرحمن بن مساعد يبرز تعاونه مع أصالة، التي قدّمت العديد من الأغاني الخالدة من كلماته، بما فيها "قد الحروف" و"رحل" و"لن تكون". ويبرز أيضًا تعاونه مع ماجد المهندس، الذي تعاون معه في ألبومه الأخير "شاطي بحر" وعكس بصوته الإحساس المرهف بكلمات وألحان عبد الرحمن بن مساعد.
تعاونات مع نجوم الأغنية الخليجية الشباب
ويستمر سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد في إضافة فصول جديدة لإرثه الفني من خلال انفتاحه على التعاون مع النجوم الشابة في الساحة الفنية. فهو لا يقتصر على التعاون مع نجوم العصر الذهبي فقط، بل يشجع ويستثمر في مواهب الشباب الذين يحملون في قلوبهم نفس الطموح والإبداع.
ومن بين هؤلاء النجوم الشاب عايض، الذي غنّى من كلماته "لماذا" وفؤاد عبد الواحد بأغاني مثل "بالأمس" و"نقطة" وأميمة طالب بأغاني مثل "الساعة كم" و"في الظل" و"جانب خفي". فمع هؤلاء النجوم ساهم عبد الرحمن بن مساعد بتطوير الأغنية الخليجية ليُقدم تجارب متجددة تجمع بين الأصالة والتجديد.