تستمر الجهود للحفاظ على إرث كبار الفنانين مثل فيروز وأم كلثوم، وزكي ناصيف، من خلال تحويل منازلهم إلى متاحف. يعكس هذا التوجه التقدير الكبير لإرثهم الثقافي والفني، مثل تحويل منزل فيروز في زقاق البلاط، ومنزل أم كلثوم في قرية طماي الزهايرة، وكذلك متحف زكي ناصيف في بلدة مشغرة.
فيروز
فيروز، مثّلت ظاهرة خرجت عن المألوف والدارج والشائع في الموسيقى والغناء والتعبير الشعري في تاريخ الموسيقى والغناء العربيين الحديثين. تميزت فيروز بتنوع القوالب الموسيقية التي قدمتها، حيث تنقلت بمهارة بين الملحمي والأوبرالي والكلاسيكي والابتهالي والنشيدي والحواري والفولكلوري والموشحات والموال وغيرها من الأشكال الموسيقية.
تمّ الإعلان مؤخرًا عن تحويل منزل طفولتها لمتحف. إذ أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية بداية الشهر الجاري عن بدء مشروع تحويل منزل عائلتها في زقاق البلاط ببيروت إلى متحف، ويهدف المشروع إلى ترميم المنزل القديم وشراء الأراضي المجاورة له، ليتم تحويله إلى متحف يروي قصة مسيرة فيروز الفنية ويحتفل بتراثها الكبير في عالم الغناء والموسيقى.
يُنفذ هذا المشروع بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للتراث اللبنانية، وحظيت المبادرة على دعم واسع من الجمعيات الأهلية والشخصيات اللبنانية التي طالبت سابقًا بالموافقة على المشروع من قبل وزراء الثقافة.
يُعد منزل فيروز في زقاق البلاط ذا أهمية تاريخية كبيرة، حيث نشأت فيه مع شقيقها جوزيف وشقيقتها الفنانة هدى حداد، قبل أن تغادره بعد زواجها من الفنان الراحل عاصي الرحباني وانتقالها إلى أنطلياس. وتعتبر هذه الخطوة مهمة للحفاظ على إرث فيروز الثقافي والفني، ولتعريف الأجيال الجديدة بتاريخها. كما سيتم توفير التمويل اللازم لتحويل المنزل إلى متحف يتيح للزوار الاطلاع على مقتنيات فيروز ومسيرتها الفنية، بالإضافة إلى تنظيم معارض وفعاليات ثقافية تسلط الضوء على تاريخها.
أم كلثوم
لقد حاول العلم مرارًا تفسير فردية صوت أم كلثوم الأيقوني، على الرغم من رحيلها منذ عقود. من خلال تجارب علمية لقياس نسبة النشاز في الأصوات المصرية الشهيرة، وأثبتت التجربة أن نسبة النشاز في صوت أم كلثوم لا تتجاوز الواحد في الألف من البعد الطنيني الكامل، وهو مستوى لم يصل إليه أي فنان آخر. وفي تجربة أخرى بعد سنوات، تم التأكيد على أن صوت أم كلثوم هو الأكثر تطابقًا مع السلم الموسيقي في معادلاته الرياضية.
في أغسطس/ آب 2022، أعلن محافظ الدقهلية عن توجيهات رئاسية بتحويل منزل أم كلثوم في مسقط رأسها بقرية طماي الزهايرة إلى متحف كبير مفتوح لمحبيها من المنطقة العربية. وأوضح المحافظ أن مبادرة "حياة كريمة"، التي أطلقها الرئيس المصري، هي المسؤولة عن تنفيذ هذا المشروع، مشيرًا إلى أن المحافظة تدعمه وتعمل على إزالة أي معوقات وتوفير الخدمات اللازمة.
زكي ناصيف
يُعتبر زكي ناصيف من أعضاء عصبة الخمسة وهم الأخوين الرحباني وحليم الرومي وتوفيق الباشا وفليمون وهبي، الذين شكلوا أركان التجديد في الغناء الشعبي اللبناني. وُصف بـ "شيخ الفولكلور اللبناني"، وقد نشأت على ألحانه وأغنياته أجيال عديدة. من أشهر أغانيه "طلوا حبابنا" و "يا عاشقة الورد"، و"راجع يتعمر لبنان"، إضافة إلى مئات الأغاني الأخرى التي غناها أشهر المطربين والمطربات مثل: وديع الصافي وفيروز، وصباح، وماجدة الرومي، وغيرهم.
في الذكرى المئوية لولادته، تم افتتاح "متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي" في بلدة مشغرة البقاعية بلبنان في يونيو/ حزيران 2016، يحتوي المتحف على أكثر من 1100 أغنية وقطعة موسيقية من تأليف زكي ناصيف، بما في ذلك الأناشيد الوطنية الشهيرة مثل "يتعمر لبنان" و"مهما يتجرح بلدنا"، بالإضافة إلى أغاني رومانسية مثل "فراشة" و"زهرة". هذه الأعمال تعكس جزءًا من إرثه الفني العظيم. وقد تم تحويل المنزل، الذي كان يُعتبر منزل العائلة، إلى متحف ومركز ثقافي يتضمن معهدًا للموسيقى، لتدريس الدروس الموسيقية بهدف اكتشاف وتدريب المواهب الجديدة.
يتضمن المتحف مقتنيات شخصية للموسيقار الراحل مثل المخطوطات، والأثاث القديم الذي كان يُستخدم في المنزل، بالإضافة إلى أدواته الشخصية مثل الراديو وآلة البيانو. وقد تم ترميم المنزل بدقة ليعود إلى شكله الأصلي قبل أن يتحول إلى مدرسة، مع تنازل عائلة ناصيف عن ملكيته لصالح جمعية "ابساد" لحماية المواقع الطبيعية والأبنية التاريخية.
المتحف يضم آلة بيانو قديمة قدمها الموسيقي العالمي روسيني كهدية للبنان، وتهتم جدران المتحف بلوحات وصور تحكي مراحل من حياة الفنان، بالإضافة إلى شاشات تلفزيونية تعرض مقاطع من أغانيه وإطلالاته الإعلامية.
وتم المتحف ضمن خريطة السياحة اللبنانية، بالإضافة إلى ترميم المنازل المحيطة به لتصبح المنطقة التراثية التي تعكس ثقافة بلدة مشغرة. وفيما يخص الزوار الراغبين في الإقامة داخل المتحف، فقد تم تجهيز شقة صغيرة في الطابق العلوي كاستوديو، حيث يمكنهم الإقامة مجانًا.