عبر 22 أغنية، وما يقدر بأربعة وثمانين دقيقة استماع، وضع ذا ويكند جمهوره والمهتمين بموسيقى البوب بشكل عام أمام فيلم طويل، أو فصل أخير طويل ينهي به ثلاثيته الأخيرة، التي بدأت بألبوم "After Hours" في عام 2020، ثم "Dawn FM" بعام 2022، والآن "Hurry Up Tomorrow". من الجحيم إلى التطهر ثم الجنة، يكون قد أخذنا في رحلته الذاتية لبيرسونا الفنان حتى النهاية، فبحسب العديد من تصريحاته فسيكون هذا آخر إصدار له تحت مسمى ذا ويكند. يحمل لحن الأغنية الختامية للألبوم "Hurry Up Tomorrow" في نهايته انتقالًا صوتيًا يطابق لحن أول أغنية لـ ذا ويكند "High for This" لينتهي هذا الألبوم من حيث ابتدأت مسيرته.
خاتمة مظلمة لبيرسونا ذا ويكند
لو أن الألبوم هو جزء من ثلاثية سينمائية، فإن الثيمة التي تشكل سردية البطل هنا هي الخلاص والاستعداد للموت. أغلب المواضيع التي تتناولها أغاني الألبوم تدور حول الانكسار، والندم لما اقترفه تجاه ذاته، والتصالح مع الوحدة، ولعل أبرز البارات التي تعبر عن ذلك بأغنية "Wake Me Up" حين يقول "أنا وحدي حين تظلم تمامًا".
يلمح أيضًا ولو بشكل ضمني لفرصة للعودة وإعادة الإحياء لمسيرته في تراك "Niagara Falls"، وحين يقدم التحية للمدينة العزيزة على قلب صناعة الترفيه، لوس انجلوس في "Take Me Back To L.A".
ورشة جماعية في الإنتاج الموسيقي
كان أمرًا شبه مضمون أن يخرج ألبوم ذا ويكند بإنتاج موسيقي قوي بعدما أعلن أنه سيتعاون في إنتاجه مع مايك دين وجوني جويل ومتروبومين وناثان سالون وماكس مارتين وجاست دا وان وبرينس 85 وقد كان لكل من هذه الأسماء مساهمات في عشرات الألبومات الضاربة لكانييه ويست وتايلور سويفت وجاي كول وغيرهم.
نتج عن تظافر جهود كل الأسماء السابقة أن يخرج الألبوم من مساحة البوب والسنث بوب للعديد من المناطق التجريبية، والتي تعطي انتقالات فجائية في العديد من الأحيان، من الدرام-آند-بايس، للاستعانة المكثفة بالجاز، وحتى الإلكترو-بايس في الفصلات.
كما شهدنا حضور بارز لجنرات بعيدة تمامًا عن لون ذا ويكند، مثل الفانك البرازيلي مع أنيتا في "São Paulo" حيث يحول مشاركتها لسامبل مبطّأة دامجًا ذلك مع نسخة من التراب المظلم للغاية. وفي تراك "Open Hearts" يستعمل توزيعًا مقاربًا للغاية لجنرا الترانس بالموسيقى الإلكترونية الراقصة.
سَمبلة أكثر إبهارًا
أثبت هذا الألبوم أن كل شيء قابل للسمبلة، من موسيقى الأفلام، حتى جمل الممثلين والمخرجين الفنية، مرورًا بكلاسيكيات الخمسينيات والثمانينايت الموسيقية، وحتى الفيديوهات التعليمية للإنتاج الموسيقي على اليوتيوب.
نجد ديفيد لينش ككاتب في أغنية "Hurry Up Tomorrow"، بعد أخذ لحن من فيلمه "Eraser Head" وسمبلته. وشارك في توزيع أغنية "Big Sleep" المؤلف الموسيقي السينمائي جورجيو مودورير. بالإضافة إلى سمبلة موسيقى من فيلم "Scarface" لنفس المؤلف ببداية تراك "Wake Me Up"، والتي تحتوي أيضًا سامبل من أغنية "Thriller" لمايكل جاكسون، كما أنها تضج بروح الديسكو التي تجعل منها أحد أبرز تراكات الألبوم، نتيجة التعاون في الإنتاج الموسيقي مع الثنائي "Justice".
يستعين تراك "Given Up On Me" بنسخة معدلة بالأوتوتيون من صوت الراحلة نينا سيمون لأغنية "Wild in the Wind"، بالإضافة إلى توزيع مأخوذ من فيديو تعليمي أصدره متروبومين على قناته على اليوتيوب بعام 2023. وتأخذ "São Paolo" من صوتيات لمغنيين مجهولين من شريط منوعات لمغنيين برازيليين محليين بعنوان "Abre as Pernas : Mete a Lingua".
تعاونات مميزة وفي مكانها
مثل ما كان توظيف الجنرات والسمبلة قادرًا على خلق حالة قوية للموسيقى، تم توظيف التعاونات لتؤدي أدوارًا وشخصيات داخل الأغاني، وليس مجرد مشاركات غنائية لفنانين في مقاطع مخصصة لهم. تقدم لانا ديل راي في "The Abyss" غناءً في الخلفية، مع ظهور في نهاية الأغنية لتختمها بطبقة صوت ناعمة.
كما شارك ترافيس سكوت في "Reflections Laughing" هو وفلورنس ويلش من فرقة فلورينس آند ذا ماشينز، وتم تبطيء أصواتهم، لتصبح جزء من حالة التيه. ووُظف صوت فيوتشر الذكوري الغليظ للتعبير عن حالة من حالات الانتفاضة سواء كآد ليبس في أغنية "Given Up on Me"، أو بفيرسه في "Enjoy the Snow". وبالتأكيد لا يفوتنا مشاركة بلاي بوي كارتي في "Timeless"، الأغنية التي صدرت منذ شهور لأحد أكثر الرابرز إثارة للجدل، والتي تسحب ذا ويكند نحو مساحة الراب.
جولة قادمة… وضيف خاص
ومع صدور هذا الفصل الأخير لشخصية ذا ويكند، فبانتظارنا بالطبع جولة بعنوان "After Hours… Till Dawn"، فقد أعلن عنها نهاية العام الماضي. ومن المثير للاهتمام إعلانه أن الضيف المشارك رسميًا بالجولة هو المنتج الموسيقي مارك دين. الأمر الذي قد يكون عرفانًا من ذا ويكند بأثر مساهمات مارك دين التجديدية في هذا الألبوم، التي أخذته لبعد مختلف، إذ سنراه شريكًا في الأداء الحي، ما يربط بشكل أكبر بينه وبين التجربة الختامية لأيقونة من أيقونات البوب.