منذ بداية عرض مسلسل "آسر" -منذ السادس من أبريل- بنسخته المعربة من النسخة التركية، حقق العمل نجاحًا لافتًا، إذ تصدر قوائم الترند واحتل مراكز متقدمة في نسب المشاهدة على منصة شاهد في عدة دول من بينها مصر.
لم يقتصر هذا النجاح على التمثيل أو الحبكة الدرامية فحسب، بل كان للموسيقى التصويرية التي أبدعها المؤلف الموسيقي تويغار إشكلِي دور فيه، لذلك قررنا أن نتعرف عن قرب على الموسيقى التصويرية لمسلسل "آسر" ونستعرض بقية أعمال تويغار الفنية التي رسخت في أذهان الكثيرين دون أن يعرفوا المبدع الذي يقف خلفها.
الموسيقى التصويرية هي القاسم المشترك في النسختين
قبل إنتاج النسخة المعربة من مسلسل "آسر"، كان المسلسل التركي الأصلي الشهير "إيزل" قد عُرض في العالم العربي لأول مرة عام 2012 عبر إحدى القنوات الفضائية وحقق حينها نجاحًا واسعًا حتى ترسخت جميع عناصره في ذاكرة الجمهور العربي.
تدور أحداثه حول شاب يتعرض للخيانة من أصدقائه وحبيبته السابقة، فيزج به في السجن بتهمة لم يرتكبها. وبعد خروجه يعود بهوية جديدة إثر جراحة تُغير ملامح وجهه، ليبدأ رحلة انتقام معقدة دون أن يتعرف عليه من خانه.
من خلال هذه القصة، يمكن استنتاج حجم التناقضات والمشاعر المتضاربة التي يعيشها البطل – والذي يجسد دوره في النسخة العربية الفنان باسل خياط – ما بين رغبته العارمة في الانتقام، وتعلقه العاطفي بمن خانته.
هذه التوليفة المعقدة من المشاعر صاغها تويغار إشكلِي ببراعة في النسخة الأصلية، وهو ما جعل صناع النسخة العربية يتمسكون بالموسيقى الأصلية، مع قدرتها الاستثنائية على ملامسة أوتار الإحساس، ونقل التوتر والصراعات الداخلية التي يمر بها البطل.
تتميز مؤلفات تويغار بدمجها بين العناصر التركية التقليدية والتوزيع الأوركسترالي المعاصر، ما ينتج عنه ألحان مؤثرة تُعزز من عمق القصة وتجربة المشاهدة. وقد حرص تويغار على توظيف الوتريات المتنوعة إلى جانب البيانو في صياغة المقطوعات الموسيقية للمسلسل بطريقة مبهرة.
تارةً تأخذك الألحان إلى أجواء الاستعداد لمعركة وشيكة، كما في مقطوعة "Jenerik" التي استخدمت في شارة البداية، وتارةً أخرى تغمرك موجة من الحزن العميق كما في مقطوعة “Ben Sana Hiç Yetişemedim" التي تُلامس القلب حتى البكاء. بينما تنقل مقطوعات أخرى للمستمع مشاعر الحب الغامرة والدفء العاطفي، مما يثبت قدرة تويغار الفريدة على تجسيد طيف واسع من الأحاسيس بموسيقاه، مما جعل استخدامها في النسخة العربية أمرًا لابد منه، وقد كانت موسيقاه امتدادًا للحكاية وجزءًا منها.
موسيقى تويغار حاضرة في أذهان الكثيرين
ملسلس "آسر" أو "Ezel" لم يكن تجربته الأولى في هذا المجال. ألف تويغار العديد من المقطوعات الموسيقية للأفلام والمسلسلات التلفزيونية، حيث تجاوز عدد أعماله الـ50، معظمها حقق نسب مشاهدة مرتفعة، ليس فقط في تركيا، بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلقان، وأمريكا اللاتينية والعديد من الدول الأوروبية.
تتضمن قائمة أعماله عددًا من المسلسلات التي لا تزال راسخة في ذاكرة محبي الدراما التركية المدبلجة في الوطن العربي بفضل قصصها المؤثرة وموسيقاها الخالدة مثل: "الأوراق المتساقطة" و "ميرنا وخليل" و "العشق الممنوع" و "ما ذنب فاطمة جول؟" و "القبضاي" و "مد وجزر" و"العشق الأسود" و"جسور وجميلة"، بالإضافة إلى مسلسل "حب أعمى" الذي نال جائزة أفضل تيلينوفيلا في حفل توزيع جوائز الإيمي الدولية لعام 2017.
عوامل ساهمت في صُنع اسم تويغار
يتمتع تويغار بموهبة استثنائية منحته بصمة موسيقية فريدة، لكن ما ميزه حقًا هو حرصه على صقل هذه الموهبة بالدراسة الأكاديمية المتخصصة. فقد التحق بجامعة مرمرة في إسطنبول حيث درس الغناء ثم واصل مشواره الأكاديمي ليحصل على درجة الماجستير في التأليف الموسيقي من مركز الدراسات المتقدمة في الموسيقى (MIAM) التابع للمعهد التقني في إسطنبول. كما تعمق في دراسة تأليف الموسيقى التصويرية في كلية بيركلي للموسيقى في بوسطن، إحدى أعرق المؤسسات في هذا المجال.
وبالإضافة إلى مسيرته في التأليف الموسيقي، يُعد تويغار أيضًا ملحنًا ومغنيًا ناجحًا، حيث أصدر عددًا من الأغنيات التي حققت صدى واسعًا من أبرزها "Hayat Gibi" الصادرة عام 2013 والتي نالت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، وحصدت أكثر من 150 مليون مشاهدة على يوتيوب.