في مهرجان "كاتم الأنفاس"، يصف مصطفى الجن وهادي الصغير نفسيهما بأنهما "نجوم الـDeep Web"، في إشارة إلى عوالمهم الشعبية المخفية، والتي يصورونها دون تزييف أو تجميل، وكأنهم يفتحون نافذة صريحة أمام جمهور قد لا يعرف تفاصيل هذه الحياة.
وبالفعل فإنهما وفي كل إصدار، يوثقان تفاصيل الشارع اليومية، وطريقة تفكير شباب المناطق الشعبية، وحتى تحياتهم للأحياء والمدن الصغيرة من شرق القاهرة إلى غربها، مع الحفاظ على روح أفراح الشارع. بهذه البصمة الخاصة والوفاء للبيئة التي يغنون عنها، تمكن الثنائي من تحقيق حضور قوي مع خمسة مهرجانات لهما في قائمة بيلبورد عربية أعلى 50 مهرجان في الأسابيع الماضية، وهي "شد الهاند يا خيخا وارجع ورا"، "الشارع اتفسد"، "اعقل يا غشيم"، "كاتم الأنفاس".
أما "بع بع دايرتي" فنجحت في انتزاع صدارة القائمة هذا الأسبوع بعد 10 أسابيع من تصدر مهرجان "أنا مش ديلار يا حكومة" لإسلام كابونجا. كما تحضر الأغنية في المرتبة 23 هذا الأسبوع على قائمة هوت 100 الخاصة بالمئة أغنية العربية الأكثر استماعًا حول العالم في كل أسبوع. فيما تحضر "كاتم الأنفاس" في المرتبة 39 على القائمة نفسها
تعاونات راسخة في مشهد المهرجانات
بدأ الثنائي رحلتهما في العام 2019، واستمرا في هذا المشوار المشترك سويًا حتى الآن. تصدر أغانيهما عبر قناة مشترك تحمل اسميهما وبجانبها عنوان "تيم الإبداع".
لكن عمل الثنائية يمتد أحيانًا ليشمل تعاونات مع أسماء عديدة أخرى. فقد حرصا طوال مسيرتهما على تقديم مشاركات مع العديد من الأسماء البارزة في مشهد المهرجانات الموسيقي، مثل عصام صاصا ودي جي ساسو وأبو ليلة وإسلام كابونجا في الكتابة.
مشاهد حية من قلب الشارع
تبجح الثنائي لا غبار عليه، وقدرتهما على استدعاء مصطلحات وتركيبات جديدة أو ظريفة تظهر في أسطر مثل "لما الزمن طبلها" من مهرجان "كرهت كل البني آدمين" أو" يا ريت الناس اللي بتطير في الجو تهدى على حالها شوية عشان الدنيا بقت زحمة فوق" من مهرجان "الناس اللي بتطير في الجو" أو "مين فيكو عَريك كلكو بوازيك" من مهرجان "تؤام جبروت على خط الموت".
ولكن ما يبرعان فيه حقًا هو خلق مشاهد نابضة بالحياة لترافق الأغاني التي يصدرونها. في "كرهت كل البني آدمين" يحكيان قصة شاب مرتبك يقود دراجته مع حبيبته النائمة خلفه، خائفًا من نظرة الشرطة. وفي "احنا يلا فيها"، يرويان مواجهة درامية بين الخارجين عن القانون والمخبرين، تنتهي بانفجار مأساوي.
أما في "ماشي بدراعي وسط أفاعي"، فيستلهمان أجواء فيلم "عبده موتة"، مركزين على خيانة الأصدقاء وصعوبة النجاة من عالم الإجرام.
ذكاء موسيقي في الاقتباسات
يتميز مصطفى الجن وهادي الصغير بحس موسيقي ذكي؛ ففي "اللي عنده قلب"، مع ميدو السريع، يستعيران لحن "يتعلموا" لعمرو دياب. أما في "ابعتهاله مش واخد باله"، فيقتبسان من أغنية "سالسا" لمحمد فؤاد. كما يستحضران مشاهد سينمائية شهيرة: مثل تهديد إبراهيم الأبيض لأبناء زرزور في فيلم "إبراهيم الأبيض"، أو قتل شخصية تروماي في فيلم "لخمة راس"، كجزء من دس موجه إلى شواحة في مهرجان "يابو توكة".
وفي مهرجان "ابعتهاله مش واخد باله" يقتبسان من لحن أغنية "سالسا" وطريقة اداء محمد فؤاد بها. يمتد الإقتباس للمشاهد السينمائية، سواء في مهرجان "دايرة خيان"، حيث يعيدان تقديم مونولوج تهديد إبراهيم الأبيض لأبناء عبد الملك زرزور بقتل والدهم في فيلم "ابراهيم الأبيض"، أو الدس المباشر الموجه لشواحة في مهرجان " يابو توكة" الذي وضعوا في بداية الكليب الخاص به مشهد قتل شخصية تروماي على يد دبشة من فيلم "لخمة راس".
مسيرة مصطفى الجن وهادي الصغير في عالم المهرجانات قد تكون متوسطة العمر، لكننا نشهد ذروتها الموسيقية حاليًا، خاصة وأن قطار إصداراتهما لا يتوقف، خاصةً وأن الكثافة في الإصدار لا تمنعهما من التطوير المتواصل في الجوانب المختلفة للمهرجانات التي يقدمانها.