بعد أن أتمَّت موسيقى الهيب هوب عامها الخمسين، وبعد الاحتفالات المختلفة بالجنرا وثقافتها التي ولدت في مدينة نيويورك لتشق طريقها حول العالم، عقدت بيلبورد عربية سلسلة محادثات مع رواد الهيب هوب العربي لتتبع نشأة وتطور ثقافة الهيب هوب في المشاهد المختلفة في العالم العربي. في حالة الهيب هوب الأمريكي، يسهل علينا تتبّع جذوره، التي تشير تقريبًا بالإجماع إلى أن الدي جي كول هيرك هو أول من غرس البذرة قبل خمسين عامًا، والتي أثمرت عن ظهور جراندماستر فلاش وأفريكا بامباتا، وما إلى ذلك. برز الهيب هوب كثقافة حضرية ديناميكية في السبعينيات في حي برونكس، ليجد طريقه إلى المجتمعات في أتلانتا ولوس أنجلوس وفي جميع أنحاء العالم، وتتضمّن الموسيقى والرقص والجرافيتي والشعر المنطوق. أصبح الهيب هوب، الذي ابتكره الدي جيز والإم-سيز وراقصو البريك-دانس، أداةً قويةً في التعبير والتمكين والانتماء والسردية الاجتماعية، لتكون نهاية العالم كما نعرفه.
أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فبدأت نسخ الهيب هوب العربية بالظهور منذ قرابة الـ ٢٥ إلى ٣٠ عامًا، وإن كنا لا نستطيع ربطه بلحظة واحدة محددة. كان صعوده أشبه بأثر الفراشة، حدث في وقت واحد في أماكن مختلفة، وكأن هناك من نثر بذورًا فوق الصحاري لتنبت حديقة من الوعي الجماعي تنتقل ثمارها من بلد إلى آخر.
تعتبر موسيقى الهيب هوب شكلًا مهمًا من أشكال التوثيق، حيث تلتقط نبض الحياة الحضرية والقضايا الاجتماعية والروايات الشخصية. فمن خلال كلماتها وإيقاعاتها ورواية القصص، تؤرخ النضالات والانتصارات والتحولات الثقافية للمجتمعات المهمشة. إنها عدسة خام وغير مصفاة لأصوات العالم المتنوعة، تحافظ على التاريخ وتشكّل آلية للتعبير.
نتعمق عبر هذه المحادثات الثلاث في ثقافة الهيب هوب المتجذّرة داخل المجتمع العربي. وتنقسم إلى مجموعة متنوعة من الفصول، تستضيف مغني الراب والممثل شاهين، ومقدم البرامج الإذاعية والموثِّق بيج هاس، والرابر وأستاذ الهيب هوب ياسين السلمان (نارسي)، ونائب رئيس تطوير الاستراتيجية والتسويق في تسجيلات إمباير، إلى جانب الرابرز ملكة وختك.
الفصل الأول: تطور السردية مع بيج هاس وشاهين
كان الهيب هوب العربي هو مدخله الأساسي: "أنا دخلت عالم الهيب هوب من الراب العربي، تخيل. سمعت بيجي، حبيت بيجي، بس صراحة كحسان دخلت الهيب هوب من أربع فنانين: ذَ نارسيسيست اللي هو نارسي الآن، وشادية منصور أول سيدة راب عربي، وعندك كمان لو كي، وعمر أفندم"، ويضيف: "دول الأربعة من جد شكّلوا ذوقي، ومن دول الأربعة دخلت الهيب هوب، صرت أسأل ايش هو أصلا الهيب هوب؟"
يذهب بيج هاس إلى حدّ التنويه إلى أنه في ذلك الوقت، لم يكن هناك توثيق مناسب لمشهد الهيب هوب، فيقول: "لأنه كان في تقصير، ما كان في توثيق صح"، ويضيف: "أتذكر أحد الأشياء اللي خلتني أدخل على blogger.com وأفتح مدونة وأنشأ مدونة تتكلم عن الموسيقى عامةً والهيب هوب العربي كتوثيق لأن الكلام اللي كنت بسمعه ما كان مسموع في الراديو والتليفزيون، هادا كان دافع جدًا كبير ليا، وكانت تدعى ريفولت لأنه حبيت أثور على الموسيقى اللي كانت طاغية آنذاك وحبيت أقول كمان ان في عندنا حركة راب عربي موجودة لازم نسمع الشباب دول"، مما دفعه في النهاية إلى إطلاق مدونته المخصصة لموسيقى الهيب هوب وموسيقى الأندرجراوند.
ينتقل شاهين ليشرح أن لكل مشهد في العالم العربي نكهته الخاصة، وما يعنيه اكتشاف مغنيّ راب مختلفين في كل بلد، على مدونات مثل ArabRap.net. "اتصدمت إيه ده كل دول رابرز في فلسطين؟ كل دول؟! يعني كان في ناس زي دام ورام الله أندر جراوند وإم دابليو أر.. مش فاكر بس كان أسامي كتير جدًا، وبعدين لبنان: ملكة، زوغ، 961، دي جي ليثال سكيلز، كلهم.." ويأتي لاحقًا على ذكر سيلفر رينجز، الذي أصبح أول مغني راب غير أمريكي ينضم إلى فرقة وو-تانج كلان الشهيرة.
أما بيج هاس فيشيد بالمشهد السعودي، حيث يذكر أسماء رائدة مثل كلاش وقدرته على شحذ صوت الجنرا الفرعية بوم باب من الأولد سكول، يقول: "وبعدين في يوم واحنا لسة في عصر البلوتووث جاني على البلوتووث أغنية "جدة جدة"، قولت مين ده؟ ده قُصي! قصي كان في أمريكا وجه هنا وبعدين بيتنقل بسهولة بالعربي والإنجليزي واو". ليقوم لاحقًا بإلقاء الضوء على المشهد المغربي وتأثير الرابرز هناك على موسيقى الهيب هوب بشكل عام، فيتابع:"من جد أبغى أخد هذه الفرصة وأشكر الناس اللي كانوا موجودين في المغرب العربي عامة، لأنه من جد لما أخدوا هادا القرار بأنهم يأدوا بلغتهم، يعني أكيد لما الهيب هوب راح على أوروبا خاصة فرنسا هناك كان في الجالية المغربية والجزائرية والتونسية والليبية دول، بدأوا راب فرنسي. قالك ليه بنأدي فرنسي؟ خلينا نراب بالعربي."
طوال محادثتهما، يربط بيج هاس وشاهين القديم بالجديد، فيما يرسمان الخطوط العريضة للمكان الذي بدأت منه موسيقى الهيب هوب، وأين ذهبت بعد ذلك. يتحدث شاهين عن عودته وأنه رغم تواجده على الساحة منذ فترة طويلة، إلا أنه كان عليه أن يعيد تعلّم كل شيء مع ظهور توجهات الهيب هوب الجديدة: "كان لازم أنسى كل اللي أعرفه، لازم أتعامل إن أنا أرتيست جديد أه أنا أرتيست جديد، معنديش خبرة وده نوع موسيقى جديد بالنسبة لي يعني أنا لازم دي تبقى طريقة تفكيري عشان أفضل مستمر، أو عشان أفضل على صلة بالسوق لحد دلوقتي، وده جنرا جديد أنا بتعلمه، بس فانا اتعلمت من كل الناس الجامدة في مصر اللي موجودين دلوقتي".
* يمكنكم متابعة الفيديو الكامل للفصل الأول الذي يجمع بيج هاس وشاهين عبر موقعنا هنا.
الفصل الثاني: تطوّر المجتمع
يمثّل الهيب هوب ما يتعدى كونه مجرد جنرا موسيقية، فهو مجتمع مزدهر منسوج في المشهد الثقافي للحياة الحضرية. يتيح منصة ديناميكية تتناغم فيها الأصوات المتنوعة، ليزدهر الإبداع في واحدة من أقسى البيئات الاجتماعية والسياسية.
نحاور في هذا الفصل اثنين من الإم سيز الرائدين في المنطقة: سهيل نفار، المعروف من خلال فريق الراب الأيقوني دام الذي شارك في تأسيسه في التسعينيات، وياسين السلمان المعروف أيضًا باسم نارسي، والذي يواظب على إصدار الأغنيات المنفردة والألبومات منذ انطلاقته عام ٢٠٠٣ مع ألبوم الفرات.
ظهرت قصة سهيل ودام عام ٢٠٠٨ في الفيلم الوثائقي Slingshot Hip Hop الذي أعدته جاكي ريم سلوم والحائز على عدد من الجوائز، والذي أهله للحصول على إقامة في جامعة نيويورك. من هناك، واصل إحداث موجات كبيرة في صناعة الهيب هوب العالمية، أولاً في مجلة كومبلكس، ولاحقًا مع إطلاق سبوتيفاي أسواقها في غرب آسيا وشمال أفريقيا. يشغل سهيل الآن منصب نائب رئيس تطوير الاستراتيجية والتسويق في شركة تسجيلات الهيب هوب الأسطورية إمباير، التي تمثل سلسلة من النجوم الإقليميين والعالميين من مشعل تمر إلى كارمن سليمان والوايلي وإم سي عبدول وغيرهم.
من ناحية أخرى، اختار ياسين أن ينخرط في الأوساط الأكاديمية مع تتابع إصداراته على امتداد العقدين الماضيين، والتي شملت تعاونات مع أسماء شهيرة، من مشروع ليلى إلى موست ديف. يشغل ياسين حاليًا منصب أستاذ الهيب هوب في جامعة كونكورديا، وهو كاتب وفنان متعدد التخصصات.
تنعكس مرونة الهيب هوب في القصص التي يرويها، فيما ينقل صوت نضالات وانتصارات الأصوات المهمشة. تكمن قوة الهيب هوب، في التمكين والتثقيف وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية مع تبني التعبير عن الذات. نسمع كل هذا في المحادثة بين ياسين وسهيل، حيث يتطرقان إلى موضوعات المجتمع وتطور الهيب هوب ورحلتيهما الشخصية، من إم سيز إلى متخصصين في هذا المجال. ينطلق حوار سهيل وياسين من المرحلة الأولى لموسيقى الهيب هوب العربي، قبل قرابة العقدين من الزمن. بالنسبة لسهيل، بدأ دخوله إلى عالم الهيب هوب من خلال أداء البريك دانس والجرافيتي في فلسطين، بينما كان ياسين مدفوعًا بقوة القلم للتعبير عن روايات مضادة ضد الحرب في العراق.
تأثر الفنانان بفرق ورابرز مثل ويستسايد كونيكشن وتوباك وميثودمان ونوارة نواف وشادية منصور وبيجي وإن.دبيلو.إيه و فري مان وإم بي إس من الجزائر، وغيرهم. يقول سهيل: "كان مدخلي الأول هو موقع مهم كتير فيه بلشنا نلاقي بعض كان اسمو ArabRap.net بفكر سنة 200 أو 2001 اللي بلش. كان أول موقع هيب هوب شفتو. اللي عملو كان اسمو شادي من الناصرة" ويضيف: "مرة واحدة بـ ٢٠٠٣ يمكن لقينا إن في شباب بغزة اللي بيخلوا رسائل هناك، هادي الطريقة برضو كيف جاكلين ريم سلوم لقت الرابرز وقررت تبلش تنشر هيب هوب، فا كله هاد الويبسايت صار الوصل الأولاني لألنا اللي فيه نكتشف مين موجود ومين لأ". كما ويواصل الحديث عن تأثير الدومينو في اكتشاف المزيد من الفنانين الإقليميين، بل ويعيدنا إلى أبعد من ذلك، إلى بعض النسخ الأولى لموسيقى الراب، التي جاءت كمحاكاة موسيقية ساخرة قادمة من المغرب في الثمانينيات.
يبني الهيب هوب جسور التواصل عبر إيقاعاته وقوافيه، ويحتفل بقدرة الفن على جمع الأفراد معًا. فبالنسبة لسهيل ومجموعته الشهيرة دام، كانت موسيقى الهيب هوب وسيلة لتوثيق الوضع في فلسطين والتعبير عنه.
"في ٢٠٠٢-٢٠٠٣ أنا من العراق فانت تعلم ما كان يحدث في العالم في هذا الوقت انت بفلسطين عايش فأنا كان لدي منظور المغترب ٢٠٠٦ رحت سويت الماسترز وكتبت كتاب الهوية العربية في الهيب هوب العربي، في الوقت ده دخلت على الإنترنت ولجيتكم كلكم بدأنا نجد بعضنا البعض وأدرك أن الأمر حدث بالتزامن بيصير داير مدار العالم".
من أشرطة الكاسيت إلى الإم بي ثري مرورًا بالأقراص المدمجة، وصولًا إلى البث المباشر، يروي سهيل وياسين تطورهما كموسيقيين مع مرور الزمن، كما يحكيان قصة تطوّر مشهد الهيب هوب الإقليمي بشكل عام. ففي حالة سهيل، قاده نشاطه الفني إلى ظهوره في فيلم Hip Hop SlingShot، الذي بدأ تصويره عام ٢٠٠٣ حتى صدوره في العام ٢٠٠٨. وثّق الفيلم بداية موسيقى الهيب هوب العربي في غزة والضفة الغربية وأجزاء أخرى من فلسطين، وذلك من خلال أكثر من ١٠٠ ساعة من التوثيق. "تأتي أهمية HipHop Slingshot من حقيقة عدم التدخل في صوت الفيلم" يقول ياسين "لقد كان خامًا جدًا، وكان أصدق تمثيل عن كيف يمكن للهيب هوب أن يسافر من مجتمعات السود في أمريكا ويصل إلى العالم العربي، وخاصة في فلسطين، ويجد هؤلاء الأطفال". يتابع مضيفًا: "لا أقول كيف وجدتم الهيب هوب بل أقول كيف وجدكم الهيب هوب؟ لقد وجدكم ووضعكم في فيلم وأخرجكم من فلسطين إلى كافة أرجاء العالم، فعثرتم أنتم على مكانكم في هذا العالم عبر الهيب هوب".
فيما يواصل ياسين اليوم صناعة الموسيقى من خلال مجموعة من الإصدارات، بما في ذلك أحدث أغانيه "Excuse U" و"Iraq Forever"، فقد بدأ كذلك الجانب الإرشادي من حياته المهنية، حيث ساعد في توجيه الفنانين الشباب فكريًا وموسيقيًا. يقول ياسين: "لقد دخلت الآن في دور التدريس والإرشاد، أتحدث مع الفنانين الشباب بهدوء خلف الكواليس، وأعطيهم كتبًا مثل الاستشراق والمثقف والسلطة لإدوارد سعيد، وكتب محمود دوريش. أي الكتب التي شكلت رحلتنا."
تنتهي محادثتهما بمناقشة حول تطوّر صوت الهيب هوب العربي ومستقبله، والآفاق الجذّابة التي ستمكّن الموسيقى العربية من وضع بصمتها في المشهد العالمي السائد.
* يمكنكم متابعة الفيديو الكامل للفصل الثاني الذي يجمع سهيل نفار ونارسي عبر موقعنا هنا.
الفصل الثالث: تطوّر الثقافة
يتكشّف تطور ثقافة الهيب هوب العربية كرحلة متجددة، تتميز بتحوّلات ملحوظة أدت إلى قدر أكبر من الشمولية مع مرور العقود. فعلى الرغم من أنه جنرا ذو هيمنة ذكورية، إلّا أن النساء كن دائمًا حاضرات في المشهد، وتساهمن في رسم مستقبله، من ملكة وشادية منصور والنجاحات التي حققتاها في الألفينات، إلى مجموعة جديدة من مغنيات الراب بمن في ذلك ختك ومابين وكوست وماكي-ماكوك وجارا بيري وغيرهن. تستمر القوافي النسائية في الازدهار في مشهد الهيب هوب العربي، مما دفع إلى هذا الفصل الختامي من هذه السلسلة كي يتضمن محادثة عميقة بين فنانتي الراب البارزتين، ملكة وختك.
تُعتبر ملكة من الرواد في مشهد الراب الإقليمي، وقد غيّر أداؤها وأسلوب كتابة كلماتها النظرة إلى موسيقى الهيب هوب منذ الألفينات من خلال تراكات شهيرة مثل "يا لبنان"، الصادرة بعد الحرب اللبنانية الإسرائيلية عام ٢٠٠٦. يمزج أسلوبها المميز بين رواية القصص الجريئة والبراعة الشعرية، فيما تتناول ثيمات الهوية والمقاومة والعدالة الاجتماعية. قدّمت ملكة صوتًا خاصًا امتاز بكلمات وأداء صوتي مليء بالتحدي، يستمرّ حتى يومنا هذا مع صدور أغنية "دخان" هذا العام، والتي تظهر فيها إلى جانب إسلام جواد وديدين كانون ومودي العربي، وهي من إنتاج عيسى وأسود ونوفو.
لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة بالنسبة لملكة في البداية، فقد روت لـ ختك وبيلبورد عربية قصة اضطرارها لتغطية وجهها للغناء في الأماكن العامة لأنها لم تحصل على إذن عائلتها في البداية، فتقول: "أول مرة إجتني فرصة إنه غني على المسرح، هلق بيروت مدينة صغيرة، والكل بيعرف الكل، فكيف بدي إطلع على المسرح وما يعرفوا أهلي وبيي مانعني غني، فكنت إطلع وغطي وجهي" وتضيف: "فأوصل إطلع على المسرح، غطي وجهي غني، خلص الكونسرت، روح ع الحمام غيّر تيابي وأوقف بالجمهور ع فترة طويلة ما يعرفوا إنه هاي أنا".
تذكر أنها عندما بدأت، كان بعض الرابرز قد مهّدوا الطريق أمام المشهد، بمن في ذلك دي جي ليثال سكيلز، وعكس السير ومجموعات مثل فريق الأطرش التي تتسم بأساليبها المتنوعة: "صاروا العالم مرتاحين يحكوا أكتر عن مواضيع نحنا كانت ممنوعة علينا... نحنا ع إيامنا ما كان فيكي تعملي غنية حب... ممنوع تحكي إنه إنت خايفة أو إنه إنت عندك مشكلة نفسية، كان لازم تكوني كتير قوية، خاصة كإمرأة وبشكل عام".
في هذه الأثناء، وبالنسبة لختك، كان الراب شيئًا انجذبت إليه على الفور كمستمعة، لتبدأ بعد فترة وجيزة في كتابة أغانيها الخاصة عام ٢٠١٦. تحلّل ختك المشهد حينها لملكة قائلة إنه في عام ٢٠١٤، كان المشهد في المغرب متنوعًا بالفعل مع أسلوبين طاغيين: "وقع صراع بين نوعين من الراب، الهيب هوب التجاري اللي الناس اللي يدوروا عليه بغاو ينجحو بغاو يديرو فلوس بغاو يوصلو للشي اللي حواليه بغاو يطورو بدوائرهم، وهدوك اللي بالنسبة ليهم الهيب هوب رسالة وكل القيم اللي كانت عندنا من قبل".
ممثلةً المدرسة الجديدة لفناني الهيب هوب القادمين من المغرب، انطلقت مسيرة ختك رسميًا في عام ٢٠٢٠، حيث زادت شعبيتها بسرعة مع تراكات مثل "Fretello" بالتعاون مع تانييه وستورمي، و"Ftila" التي ميّزها خامتها الصوتية الفردية وأسلوب كتابة كلماتها الجريء. تجمع أغانيها ثلاث لغات وهي الإنجليزية والفرنسية والعربية، في حين أن كتاباتها تتطرّق لمواضيع ذاتية تتقاطع مع موضوعات مثل الصحة العقلية والجندر والنقد الاجتماعي.
تأتي هذه المحادثة بين الرابورتين كرحلة عبر الزمن، فلم تتحدثا عن تطور المشهدين الخاصين بهما وحسب، ولكن أيضًا عن النشاط والتعاونات بين المشاهد المختلفة. تشرح ختك عن المغرب: "كنعتقد بأن المشهد المغربي متنوع بزاف، وفيها بزاف من الجنرات، مغنيين الراب فالمغرب كل واحد وعندو أسلوبه، تلقا دراغانوف كيدير حاجة، دوليبران كيدير حاجة وطوطو حتى كيدير حاجة. ومع ذلك، كيبقى نفس الشيء-هو الهيب هوب المغربي".
كما ركّزت ملكة على أهمية دور المنتجين، ومدى ضرورية إشراكهم في العملية الإبداعية فقالت: "بالتعاون كان شي ناقص شوي اللي هو أهمية دور البروديوسر... البروديوسرز لازم يحسوا حالن قادرين إنه يفتحوا مجال لهالتعاونات، قادرين يكونوا إلن كلمة للإشراف على هالأغنية... ما بعرف اليوم إذا دور البروديوسر ما عم بيكون كتير مكتمل متل ما مفروض يكون، وبحس إنه البروديوسرز لازم يلعبوا دور أكبر بإنه يجمعوا العالم، وإن يعملوا هالتعاونات". تتفق ختك مع هذا الرأي، وتتطرّق إلى مسألة عدم ذكر المنتجين وإعطائهم حقهم، فتقول أنهم جزء من الثقافة فأهميتهم في أهمية الرابرز.
أشارت ملكة في هذا الإطار إلى أن نمو المشهد بالشكل الصحيح يستلزم تطور كافة عناصره بالتزامن، فأكّدت: "كل شي لازم يتقدم كله سوا، ما فيه يكون بس الرابر عم يطور بلا ما البروديوسر ومدير الأعمال يطور، لازم التطور يكون ع مستوى الصناعة كلها ليبقى فريق العمل كله قوي".
عندما نتطلع إلى المستقبل، نجد أن إمكانيات الهيب هوب لا حدود لها. إذ يستمر كجنرا بتطوير وهيكلة نفسه مدعومًا بشموليته، وبدوره كمنصة للأصوات المتنوعة، وبقدرته على معالجة القضايا الحاسمة. فمع الفنانين الصاعدين، والتعاونات بين الثقافات، والالتزام بأصالة السرديات، سيبقى الهيب هوب انعكاسًا حيويًا لعالمنا.
* يمكنكم متابعة الفيديو الكامل للفصل الثالث الذي يجمع ملكة وختِك عبر موقعنا هنا.