تركت المغنية اللبنانية نانسي عجرم بصمة لا تمحى في عالم صناعة الموسيقى بصوتها وأدائها المميز. نتعمق في هذه المقالة بخلفيتها ومعالم مسيرتها المهنية والتنوع الموسيقي، بالإضافة إلى أغانيها التي تصدرت القوائم، وسنوات نشاطها مع التأثير الذي أحدثته على الساحة الموسيقية العربية.
بانت موهبة نانسي عجرم منذ طفولتها، عندما ظهرت للمرة الأولى في عيدها الثامن على شاشة الـ LBC سنة ١٩٩١، وقدمت من ألحان وكلمات زكي ناصيف نقيلي أحلى زهرة . أدت نانسي اللحن بعرب خفيفة طفولية وبأداء حيوي، استعرضت فيه ثقتها العالية بالنسبة لطفلة تقف للمرة الأولى أمام فرقة موسيقية وجمهور. جذب صوتها الساحر وحضورها على المسرح انتباه الجميع، وسرعان ما أحدثت ضجة على المستوى المحلي لتبدأ رحلتها من لبنان إلى العالمية.
أصدرت ألبومها الأول محتاجالك في عمر الخامسة عشر، وعلى الرغم من أنه لم يحقق النجاح الساحق إلا أنه وضع حجر الأساس لانجازاتها اللاحقة. أتبعته بألبوم شيل عيونك عني سنة ٢٠٠١، الذي تطور فيه صوتها أكثر وحسنت من أسلوبها. جاء ألبوم يا سلام الصادر بعد سنتين بمثابة إنطلاقة جديدة، على صعيد اللحن والإيقاع حيث تعاملت مع سمير صفير وسليم سلامة وغيرهم، وتمكنت من تقديم صوت بوب عصري وحديث. كما أخرجت ثلاث كليبات بالتعاون مع نادين لبكي، وقدمت صورة عصرية عززت مقاربتها الذكية في إنتاج البوب المعاصر.
أصدرت نانسي خلال مسيرتها عشرات الألبومات والإصدارات المنفردة، لعبت ألبومات مثل آه ونص دورًا بزيادة شعبيتها على صعيد المنطقة العربية والعالم. كما أنتجت في بتفكر في إيه سنة ٢٠٠٨ أسلوب مختلف بالتوزيع مع طارق مدكور، حميد الشاعري، وهادي شرارة. أطلقت ألبومات مخصصة للأطفال منها شخبط شخابيط سنة ٢٠٠٧ و سوبر نانسي سنة ٢٠١٢. قدمت فيها ألحان جذابة وإيقاعات مبهجة وكلمات تدور حول موضوعات تعليمية أو خيالية. وهكذا، أثبتت قدرتها على التواصل مع جمهور متنوع لترسخ مكانتها كشخصية بارزة في عالم صناعة الموسيقى العربية.
تطورت هوية نانسي البصرية على مرّ السنين، تعاملت بعد نادين لبكي مع عدد من المخرجين المحليين والعالميين. لعبت ليلى كنعان دوًا بارزًا بتعزيز هذه التجربة السمعية، وساعدتها على التواصل مع جمهورها بطريقة أعمق في حاسة بيك سنة ٢٠١٧ وومعاك سنة ٢٠١٨. اشتهرت نانسي باختياراتها العصرية والحفاظ على جودة عالية، تعاونت مع سعيد الماروق وسمير سرياني في عدد كبير من هذه الانتاجات، واهتمت بأسلوب السرد القصصي في أغانيها العاطفية، انحيازها الدائم لوجود عناصر من السينماتوغرافي في أعمالها.
اهتمت بالعمل مع مصممين مبتكرين ساعدوها على بناء هوية بصرية متقنة مثل إيلي صعب وجورج حبيقة وغيرهم، وبنت حضور خاص في الكليبات والحفلات عبر إطلالات مهمة في عالم الأزياء والموضة. أطلقت نانسي في السنوات الأخيرة إصدارات المنفردة على شكل أغاني صيفية راقصة مثل بدنا نولع الجو سنة ٢٠١٨ التي حققت ملايين المشاهدات. كما اكتسحت قوائم الحفلات الراقصة هذا العام بنفس الجو الراقص في على شانك وتجي ننبسط.
ساهمت نانسي بتشكيل المشهد الموسيقي للبوب المعاصر في المنطقة مع كل ألبوم وإصدار، رفعت إنتاجاتها المتتالية تأثير المغنيات في الساحة العربية. أثبتت عبر السنين تطورها الفني وبراعتها بتقديم صوت واضح وطبيعي يحاكي التجارب والسرديات المختلفة في المنطقة. قدمت من بداية ظهورها وعلى مرّ أكثر من ثلاثة عقود شخصية فنية متكاملة، بنتها بالعمل والمثابرة والجهد المتواصل.