في عالم الموسيقى العربية، تبقى سنة 1999 محفورة في الذاكرة كواحدة من اللحظات الفارقة التي شهدت تحولاً مهماً نحو العالمية والانفتاح على التأثيرات الموسيقية الغربية. كانت تلك السنة بمثابة جسر زمني يربط بين قرنين: القرن العشرين الذي طُبعت موسيقاه بطابع كلاسيكي وشخصي محلي، والقرن الحادي والعشرين الذي أدخل أنماطاً جديدة وأفكاراً جريئة. ما يجعل عام 1999 مميزًا بشكل خاص هو ما شهده من تعاونات بين نجوم الغناء العرب وفنانين عالميين، حيث أصبحت هذه السنة عنوانًا لنقلة نوعية في الموسيقى العربية، ومهّدت الطريق لمحاولات اللحاق بالتيارات الموسيقية العالمية.
قبل عام 1999، كان البوب العربي يسير في مسار منعزل إلى حدٍ كبير عن الساحة الموسيقية العالمية. ورغم أن هناك محاولات فردية للوصول إلى أسماع الجماهير خارج حدود العالم العربي، إلا أن الأغلبية الساحقة من الإنتاجات الموسيقية كانت تنغمس في النغمات المحلية والتقليدية، أو تعتمد على شكل من البوب يحمل طابعًا عربيًا خاصًا. ومع ذلك، مع اقتراب نهاية التسعينيات، بدأنا نشهد تفاعلًا جديدًا بين الموسيقى العربية والمشهد العالمي. يمكن القول إن عام 1999 كان ذروة هذه المحاولات، حيث شهد تعاونات لافتة للنظر بين النجوم العرب وأسماء عالمية شهيرة.
أحد أبرز هذه التعاونات كان تعاون عمرو دياب مع الفنانة اليونانية أنجيلا ديميتري في أغنيته "أنا بحبك أكتر" التي صدرت ضمن ألبوم "قمرين"، وكذلك أغنية "حبيبي يا حبيب قلبي يا دوب" التي صدرت منفردة بذات العام، حيث دمجت هذه الأغاني بين إيقاعات البحر الأبيض المتوسط من ضفتيه، وتناغم صوت عمرو دياب مع الأصوات اليونانية، في تجربة فريدة تميزت بطابعها العالمي. كان هذا التعاون مثالًا على كيفية محاولة الفنانين العرب، في تلك الفترة، الوصول إلى جمهور أوسع خارج حدود العالم العربي. إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل التعاون الرائع بين الشاب مامي والمغني البريطاني ستينغ في أغنية "Desert Rose". هذه الأغنية لم تكن فقط مثالاً على اندماج أنماط موسيقية مختلفة، بل كانت أيضًا نقطة انطلاق للموسيقى العربية إلى ساحات أكبر وأكثر تنوعًا في العالم الغربي.
وبالإضافة لانفتاح الموسيقى العربية على الموسيقى العالمية، شهدت سنة 1999 انفتاح المشاهد الموسيقية العربية على بعضها البعض؛ وذلك ما نلمسه بأغنية "قلبي"، التي صدرت بألبوم "قمرين" أيضًا، والتي تعاون بها عمرو دياب مع الشب خالد.
ولم يكن عام 1999 مميزًا فقط بسبب هذه التعاونات البارزة، بل إنه جاء في وقتٍ كانت فيه الموسيقى العالمية نفسها تعيش حالة من التحول الكبير. ففي أواخر التسعينيات، شهدنا تطورًا في العديد من الجنرات الموسيقية، في زمن هيمنة البوي باندز وصعود الهيب هوب والموسيقى الإلكترونية. وفي هذا السياق، أصبح لزاماً على الموسيقى العربية أن تتفاعل مع هذه التغيرات، سواء من خلال الاستلهام من هذه الأنماط أو محاولات إدماج عناصر منها في الأغاني العربية. وقد بدأنا بالفعل في عام 1999 نرى هذه التوجهات تظهر في الإنتاجات الموسيقية العربية، حيث تم إدخال عناصر جديدة على مستوى اللحن والإيقاع والتنفيذ، مما ساهم في تحديث الشكل التقليدي للأغنية العربية. وكان للعديد من التجارب الموسيقية الصاعدة دورًا بهذا التحول، مثل تجربة إليسا، التي مزجت بين الغناء العربي والموسيقى الكوبية، وتجربة Soap Kills التي كانت تشق طريقها لتكون أول فرقة عربية تُقدم الإلكترو بوب بالمعايير العالمية الحديثة.
سنة 1999، إذاً، ليست مجرد محطة عابرة في تاريخ الموسيقى العربية، بل كانت نقطة تحول مهمة دفعت بالفنانين العرب إلى التفكير بشكل أكثر جرأة وإبداعًا، وجعلتهم أكثر استعدادًا لخوض تجارب جديدة واستكشاف موسيقى من ثقافات مختلفة. هذه السنة يمكن اعتبارها بداية لعصر جديد من الموسيقى العربية المعاصرة، الذي شهد تطورات هامة خلال العقدين التاليين. وقد أثرت هذه الروح التجريبية بشكل عميق في مشهد الموسيقى في العالم العربي، وفتحت الأبواب أمام الجيل الجديد من الفنانين لتبني نهج عالمي وواسع النطاق في إنتاجهم الفني. وإن كان يجب التنويه أن هذه التحولات الموسيقية لم تكن حادة، وأن العديد من الأغاني التي سيطرت على المزاج العام في تلك السنة كانت شرقية بامتياز.
إليكم اختياراتنا لـ25 أغنية مضى على إصدارها 25 سنة، ولاتزال محفورة في الذاكرة والوجدان العربي، والتي غالبًا كانت ستتصدر قوائم بيلبورد العربية، لو أنه قد تم استحداثها قبل 25 سنة:
عمرو دياب - قمرين
تبرز أغنية "قمرين" من بين الأغاني التي صدرت سنة 1999، باعتبارها الأغنية الوحيدة التي دخلت قائمة Billboard Hot 100، التي أطلقتها بيلبورد عربية نهاية عام 2023، لتتواجد فيها لسبعة أسابيع وتبلغ أعلى ذروة لها بالوصول إلى المرتبة 85. ورغم ذلك، يُعتبر اختيار أغنية واحدة من ألبوم "قمرين" ليس بالأمر السهل، حيث ضم العديد من الأغاني المثيرة والثورية. على سبيل المثال، أغنية "أنا" كانت نقطة تحول، حيث استخدم فيها عمرو دياب تقنية الأوتوتيون لأول مرة في البوب المصري، لتكون لها أهمية تاريخية بتطور استخدام التقنيات الإلكترونية في الأغنية العربية، وكذلك أغنية "خليك فاكرني" التي رسمت ملامح أغاني السوفت روك العربية، التي ازداد حضورها في بدايات القرن الواحد والعشرين بالأغاني العربية الرومانسية، بالإضافة لتعاونات عمرو دياب المثيرة بأغنيتي "أنا بحبك أكثر" مع انجيليا ديمتري و"قلبي" مع الشب خالد؛ والتي استخدم بها عمرو دياب الجملة اللحنية الرئيسية من أغنية "قمرين". ورغم هذا التنوع الموسيقي والإبداع الكبير في الألبوم، تبقى أغنية "قمرين" هي الاختيار الأول بينها، باعتمادها على توزيع موسيقي طوّر الموسيقى اللاتينية العربية، لتُشكّل هذه الأغنية علامة فارقة في مسيرة عمرو دياب الفنية وفي تطور البوب العربي بشكل عام.
إيهاب توفيق - سحراني
شهدت سنة 1999 ذروة تألق إيهاب توفيق، مع إصداره ألبوم "سحراني"، الذي برزت منه الأغنية التي يحمل الألبوم اسمها بشكل خاص. لقد شكّل إيهاب توفيق بهذه الأغنية ستايل خاص في البوب المصري، باعتماده على بهجة أصوات الآلات النفخية وتناغمها مع إيقاع المقسوم، ليُقدم واحدة من أبرز هيتات السنة، ومن الأكثر تأثيرًا على ستايل أغاني البوب المصري في تلك الفترة. وتميزت الأغنية بالكليب ذو الألوان الفاقعة واعتماده على ثيمة السحر لزيادة الإثارة فيه.
أصالة - يا مجنون
كانت سنة 1999 مفصلية في مسيرة أصالة، مع طرحها ألبوم "يا مجنون"، الذي برزت منه الأغنية التي تحمل ذات الاسم، والتي خاضت بها أصالة تجربة جديدة. الأغنية من كلمات وائل هلال وألحان وتوزيع محمد ضياء الدين، وتُعتبر أول أغنية لأصالة بتوزيع لاتيني. وقد شكّل استخدام الأغنية مرجعية الحكاية الشعبية العربية الأصيلة، مجنون ليلى، عامل جذب إضافي للأغنية، لتكون واحدة من أبرز الهيتات في تلك السنة.
الشب مامي وستينغ - Desert Rose
تُعد أغنية "Desert Rose"، التي صدرت في أواخر عام 1999، واحدة من أنجح التعاونات العربية- العالمية. مزجت الأغنية بين موسيقى الراي الجزائرية التي يتميز بها الشاب مامي وصوت الروك المميز لستينغ، مما خلق تجربة فريدة من نوعها، ربطت بين الشرق والغرب. صدرت الأغنية ضمن ألبوم "Brand New Day" لستينغ، وحققت نجاحًا عالميًا، حيث وصلت إلى المرتبة الـ17 على قائمة Billboard Hot 100 في الولايات المتحدة، وبلغت مراتب أعلى في قوائم بيلبورد في العديد من الدول الأخرى، لتحتل المرتبة الثانية في كندا والمرتبة الثالثة في سويسرا والمرتبة الخامسة في إنجلترا.
لطيفة - كرهتك
الرغبة بالانفتاح على الموسيقى العالمية، تمثّلت بشكل واضح في الألبوم الذي أصدرته لطيفة سنة 1999، والذي حمل اسم "واضح"، والذي برزت منه بشكل خاص أغنية "كرهتك"؛ التي تعاونت فيها مع موسيقيين عالميين لتوزيعها، وهما: ريموند جيميني وبيرنار أركاديو. كتب كلمات الأغنية منصور الشادي ولحّنها صلاح الشرنوبي. تبدأ الأغنية نغمات شرقية خالصة، قبل أن تكسرها الإيقاعات الغربية الحديثة وصوت لطيفة الذي يتدفق بعنف للتعبير عن مشاعر الكراهية، لتختلط معها الأصوات والنغمات المستوردة من ثقافات موسيقية مختلفة وتُقدم واحدة من أجمل أغاني لطيفة على امتداد مسيرتها الطويلة، وتكون واحدة من أبرز هيتات 1999.
جواهر - عالكورنيش
شهد عام 1999 واحدة من الظواهر الموسيقية الفريدة، التي لم تتكرر كثيرًا في تاريخ الأغنية العربية، وذلك بأغنية "عالكورنيش" لجواهر، التي جمعت بين جماليات الموسيقى السودانية والبوب المصري لتُقدم أغنية تكسر الحدود الفاصلة بين الجنرات الموسيقية المختلفة، وتُثير حماسة المستمعين واهتمامهم بإيقاعها الفريد.
عاصي الحلاني - متل الكذبة
تُعدّ أغنية "متل الكذبة" من العلامات البارزة في مسيرة عاصي الحلاني، إذ كانت التعاون الأول له مع مروان خوري؛ ليُساهم في إبراز جانب رومانسي جديد في أسلوب فارس الأغنية العربية، الذي كان قد اشتهر بأداء الأغاني الشعبية وتميز بتقديم أغاني فلكلورية كالهوارة، وبتقديم أغاني بلهجة بادية الشام مثل "واني مارق مريت" و"يا ميمة".
هاني العمري - سهران
صدرت أغنية "سهران" ضمن ألبوم "عجبتيني كتير" الذي أطلقه هاني العمري عام 1999. الكليب الخاص بالأغنية أحدث ضجة لكونه أول كليب عربي يظهر فيه موديل سمراء البشرة، وهو ما كان خطوة غير تقليدية في تلك الفترة التي كان فيها تمثيل التنوع العرقي محدودًا في الفيديو كليبات العربية. أخرج الكليب كان من توقيع كميل طانيوس، الذي قدم رؤية بصرية رومانسية ومميزة دعمت كلمات الأغنية. وقد حقق الألبوم نفسه نجاحًا كبيرًا وضم مجموعة من الأغاني التي تميزت بالطابع الرومانسي، وكانت "سهران" أحد أبرز تلك الأغاني التي رسخت مكانة هاني العمري كفنان رومانسي بارز في تلك الفترة.
سميرة سعيد - آه بحبك
صدرت أغنية "آه بحبك" ضمن ألبوم "روحي" سنة 1999، وهي من كلمات أحمد شتا ولحّنها ووزعها حميد الشاعري. تميزت الأغنية باستيعابها للتأثيرات الإلكترونية والصوتية الجديدة، وبمزجها بين عناصر من الموسيقى الشرقية والغربية لتقديم أغنية رومانسية شديدة الرقة، يُصاحبها بيت رشيق زاد من جاذبية الأغنية.
جورج وسوف - طبيب جرّاح
جاءت أغنية "طبيب جراح" في فترة تغيّر فيها صوت جورج وسوف بشكل واضح؛ حيث بدأت تظهر علامات التعب والإرهاق على صوته، بسبب سنوات طويلة من الغناء المكثف، مما أدى إلى تحول طابعه الصوتي إلى نبرة أكثر خشونة وعاطفة. ورغم ذلك، لم يفقد جورج وسوف قوته في الأداء وقدرته على نقل الأحاسيس، بل ربما ساهم هذا التغيير في زيادة إحساسه العميق في الأغاني التي قدمها خلال تلك المرحلة، مثل "طبيب جراح"، التي تعتبر من أبرز هيتات 1999. كانت الأغنية من كلمات صفوح شغالة وألحان شاكر الموجي ، وتميزت الأغنية بكونها تُركز على توصيف الذاتي وبأنها تُعبّر عن شخصية جورج وسوف وصوته، الذي يُمثل الحب والعذاب الأبدي الذي يُلازمه.
كاظم الساهر - قولي أحبك
صدرت أغنية "قولي أحبك" ضمن ألبوم "حبيبتي والمطر" سنة 1999، وتتوفر فيها كل العناصر الجمالية التي تجعلها من كلاسيكيات كاظم الساهر الخالدة. نستمتع فيها بجمالية أشعار نزار قباني الغزلية والسمفونية الموسيقية، التي صنعها كاظم بتناغم شديد الإثارة بين الآلات الشرقية والغربية. زادها سحرًا استخدام صوتين متباينين في الكورال، الذي يفصل بين أصوات النساء التي تصل طبقة السوبرانو وبين جوقة الرجال التي ترسم إيقاع الأغنية الذي لا يخرج من الأُذن أبدًا.ولا يقل فيديو كليب الأغنية جمالًا عن باقي عناصرها، بوجود كاظم الساهر مع جوقة الفتيات اللواتي يرتدين فساتين الزفاف، ويتجولن ويرقصن في شوارع إيطاليا وبين معالمها السياحية، في لقطات سبّاقة من إخراج حسين دعيبس، حفرت مكانها في ذاكرة الجمهور العربي.
طلال سلامة - رضا ولله وراضيناك
تبدأ الأغنية بموسيقى شاعرية رقيقة، يتقدمها عزف منفرد على البيانو قبل دخول جوقة الكمانجات، التي تصمت لتتيح لصوت طلال سلامة المجال ليُغني بعذوبة ورومانسية لا متناهية واحدة من أجمل أغاني الصُلح وطلب الود في الأغاني الخليجية. كتب كلمات الأغنية علي الفضلي ولحّنها يعقوب الخبيزي ووزعها طارق عاكف، وتُعتبر أكثر أغاني طلال سلامة شهرةً وانتشارًا عربيًا على امتداد مسيرته.
عبد المجيد عبد الله - قلبي يسلم عليك
صدرت الأغنية ضمن ألبوم "غالي" سنة 1999، كتب كلماتها سالم الخالدي ووزعها طارق عاكف بالاشتراك مع رابح صقر. تبدأ الأغنية بصولو على آلة البزق، يرسم أجواء رومانسية مصحوبةً بالشجن، قبل أن يبدأ عبد المجيد عبد الله الغناء ويُعبر عن الحب والشوق برقة لا متناهية.
محمد فؤاد - أنا لو حبيبك
صدرت أغنية "أنا لو حبيبك" ضمن ألبوم "قلبي وروحي وعمري" سنة 1999، وكتب كلماتها مصطفى مرسي ولحّنها وليد سعد ووزعها أشرف عبده. وتميزت الأغنية بالكليب الذي عرض حكاية درامية، ليُسلّط الضوء لتأثير الانفصال على الأطفال. كلمات الأغنية تحمل معنيين، فتبدو وكأنها أغنية عتاب بعد الانفصال، ولكن الكليب قد يجعلها تكتسب معنى آخر، لتُعبر عن لسان حال الابن الذي تركه أباه. وتميزت الأغنية أيضًا بالهارموني والخطوط الموسيقية المتقاطعة بين الآلات المختلفة، التي تبدو وكأنها محاورة بين جوقة الكمنجات التي تقود مشاعر الحزن وآلة القانون التي تُعبّر عن العتب، وتحمل في طياتها نغمات الحنين والشوق.
علاء زلزلي - تقبرني
تجربة علاء زلزلي كانت تُمثّل حالة فريدة في الليفانتين بوب بالتسعينات، بسبب تأثره الشديد بالجنرات الموسيقية السائدة في بلاد المغرب العربي؛ والذي تجسّد بنقله للعديد من الأغاني المغاربية الأيقونية، مثل "لاموني اللي غاروا مني" و"يا رايح". لكن التجربة الأكثر إثارة بينها جاءت سنة 1999، عندما استخدم لحن أغنية "المنفي" لرشيد طه، لتقديم أغنية رومانسية باللهجة الشامية، وهي أغنية "تقبرني"، التي كانت من أبرز الهيتات في تلك السنة.
إليسا - بدي دوّب
مثّلت أغنية "بدي دوب" انطلاقة إليسا القوية في مشوارها الفني، حيث وضعتها على خريطة البوب العربي كواحدة من النجمات الصاعدات بسرعة. الأغنية جاءت ضمن ألبومها الأول الذي حمل اسمها، والذي قدم أسلوبًا جديدًا يمزج بين الرومانسية الشرقية والموسيقى الغربية، من خلال تعاونها مع الفنان الإسباني جيرارد فيرير، الذي أضاف للأغنية لمسة فلامنكو إسبانية مميزة. هذا التعاون كان أحد العوامل التي ميزت الأغنية وساهمت في انتشارها ليس فقط في العالم العربي ولكن أيضًا بين محبي الموسيقى الغربية.
ديانا حداد - شاطر
وبالنسبة لديانا حداد، التي اشتهرت بتقديمها أغاني باللهجة البدوية، فلم تكن بعيدة عن تأثيرات الموسيقى العالمية، ولكنها تميزت بتقديم لون خاص، بالمزج بين الموسيقى والغناء البدوي مع التأثيرات الموسيقية الغربية. هذا المزيج بدا واضحًا بأغنية "يامايا" سنة 1998، وتطوّر بشكل ملحوظ بأغنية "شاطر" سنة 1999. كتب كلمات الأغنية ولحّنها ريبر وحيد ووزعها محمد مصطفى.
تاكفاريناس - زاما زاما
صدرت أغنية "زاما زاما" لتاكفاريناس عام 1999، وتُعد من أبرز الأمثلة على تطور الموسيقى القبائلية الجزائرية وإدماجها في التيار الموسيقي العالمي في نهاية التسعينيات. نجحت هذه الأغنية بتقديم إيقاعات مرحة ومعبرة عن الفرح والاحتفال بالحياة، وتتمحور الأغنية حول مفهوم الفرح البسيط والمتعة الحياتية، حيث يستخدم تاكفاريناس عبارات تعبر عن الحب والاستمتاع باللحظات الجميلة، وزاد من جمال الأغنية استخدامها كلمات مستوحاة من الثقافة الشعبية الجزائرية.
نوال الزغبي - الدلعونة
صدرت أغنية "الدلعونة" لنوال الزغبي ضمن ألبوم "مالوم"، ومثّلت حينها واحدة من أهم الأغاني التي مزجت بين التراث اللبناني وموسيقى البوب ليفانتين العصرية. كتب كلمات هذه النسخة من الدلعونة ولحّنها مروان خوري؛ الذي سبق له التعاون مع نوال الزغبي كشاعر غنائي بأغنية "قلبي دق" سنة 1998، ولكن "الدلعونة" كانت أول تعاوناته معها كملحن، و البوابة التي عبر من خلالها للهيمنة على الموسيقى اللبنانية بالسنوات التالية.
إلهام مدفعي - خطّار
تعاقد إلهام مدفعي مع شركة الإنتاج العالمية، إي-ام-آي سنة 1999، ليُصدر بذات السنة ألبوم حمل اسم "خطّار"، تميّز بالمزج الموسيقى الفلكلورية العراقية مع موسيقى الفلامنكو والروك الغربيتان. وقد برزت بشكل خاص الأغنية التي تحمل ذات الاسم، "خطار"، وكتب كلماتها عزيز سماوي ولحّنها إلهام مدفعي بنفسه. حظيت الأغنية بانتشار عربي واسع، رغم كثرة المصطلحات المستمدة من الثقافة الشعبية العراقية والتي لم تكن مفهومة بالنسبة للكثيرين ممن تعلقوا بالأغنية، التي برزت فيها جماليات موسيقى الفلامنكو وصوت إلهام مدفعي وإحساسه الدافئ، الذي ينقل كمًا هائلًا من المشاعر.
مصطفى قمر - الليلة دوب
ومن التجارب الموسيقية المثيرة للاهتمام، والتي لجأت للتراث الموسيقي سنة 1999 لإعادة تقديمه بطريقة عصرية، تبرز أغنية "الليلة دوب" لمصطفى قمر، الذي استخدم لحنًا من التراث السوداني، وأضاف إليه المزيد من الجمل اللحنية وإيقاعات راقصة مع كلمات حماسية ليُقدم واحدة من أبرز هيتات 1999. صدرت الأغنية ضمن ألبوم "عنيك واحشاني" وهي من كلمات سامح العجمي وتوزيع طارق مدكور.
نجوى كرم - كيف بداويك
صدرت أغنية "كيف بداويك" ضمن ألبوم "روح روحي"، وهي من كلمات وألحان عماد شمس الدين وتوزيع طارق عاكف؛ الذي هيمن على ألبومات نجوى كرم في نهاية التسعينيات ومطلع الألفية ورسم لها ستايلها الخاص، ليُدخل على أغانيها العديد من النغمات والعناصر التي تتناسب مع موسيقى البوب الشعبية التي تُميزها. وكانت "كيف بداويك" واحدة من أبرز أغاني نجوى كرم في تلك المرحلة، ففيها يبرز جمال إيقاع الدربكة الشرقي بالتناغم مع النغمات المألوفة في الليفانتين بوب والغريبة عنها. لكن أكثر ما يميز الأغنية كلماتها، التي تُعبّر عن الملل من العلاقة العاطفية والعجز عن إيجاد حلول فيها بلغة مستمدة من الشارع الشامي.
وائل كفوري - كل ما بتشرق
صدرت أغنية "كل ما بتشرق" ضمن ألبوم "حكاية عاشق" سنة 1999؛ لتكون التجسيد الأفضل لسلسلة من الأغاني التي أطلقها وائل كفوري في التسعينيات ومطلع الألفية، واعتمد فيها على المبالغة والتهويل للتعبير عن الحب الذي لا يُمكن أن نعثر عليه سوى في عالم المُثل. فبعد أن أصدر وائل كفوري العديد من الأغاني التي يُعبر فيها عن جمال المحبوبة وسحرها القادر على صنع المعجزات، بأغاني مثل "شباك الحب" و"عم فتِش عشقفة كون" و"برج فرنسا"، جاءت أغنية "كل ما بتشرق" لتُقدم التوصيفات الأكثر جمالية في هذا السلسلة من أغاني وائل كفوري، مع أنسنة الشمس والقمر، اللذان يغاران من حبيبته ويلتقطان لها الصور. كانت أغنية "كل ما بتشرق" واحدة من أكثر الأغاني الرومانسية في تلك السنة، والأغنية دائمة الحضور في شرائط الكاسيت والسيديات التي يتبادلها العشاق.
هاني شاكر - ياريتني
واصل هاني شاكر تقديم أغاني تتوافق مع أسلوبه المعتاد سنة 1999، والتي جعلته يكتسب لقب أمير الأحزان. وبرزت بين أغانيه في ذلك العام "ياريتني" التي صدرت ضمن ألبوم يحمل اسمها، وهي من كلمات وألحان مصطفى كامل وتوزيع أشرف عبده. كانت "ياريتني" تعبيرًا عن الرومانسية من منظور شخصية هاني شاكر، ليُعبر في لحظة الفرح بالالتقاء بالحبيب عن مشاعر الندم ويُخرج كل ما في جعبته من أحزان عالقة في الماضي، متمنيًا لو كان اللقاء مع الحبيب قد حدث في وقت أبكر لتجنب الكثير من الأحزان.
ميادة بسيليس - كذبك حلو
لعل أغنية "كذبك حلو" التي أصدرتها المغنية الراحلة ميادة بسيليس سنة 1999 هي أغنيتها الأيقونية التي ستظلّ خالدة. ميادة بسيليس التي بدأت مسيرتها في منتصف الثمانينيات مع رفيق دربها وزوجها سمير كويفاتي، كانت قد اشتهرت بتقديم أغاني شارات المسلسلات والأغاني الفولكلورية، ولكنها شهدت ذروة تألقها مع أغنية "كذبك حلو"، التي تحمل من التناقضات ما يكفي للتعبير عن لا منطقية الحب. كتبت كلمات الأغنية سهام الشعشاع ولحّنها سمير كويفاتي.